تخميس همزية الإمام الشَّافعي
تَصَبَّــرْ إنَّهُ نِعْمَ الدَّوَاءُ ** ولا تضْجَرْ وإنْ طَالَ البَلاءُ
ورَدِّدْ مَا يقُـولُ الأتْقِيَاءُ ** دَعِ الأيَّامَ تفْعَلُ مَـا تَشَاءُ
وطِبْ نفسًا إِذَا حَكَمَ القَضَاءُ
فحُكْمُ اللهِ مُتّسِعُ الْمَجَالِ ** ورَدُّ قضائِه ِطَلَبُ الْمَحَالِ
فسَلِّمْ أيُّـهَا الرَّجُلُ المِثَالِيْ ** ولا تَجْزَعْ لِحَادِثَةِ اللَّيَالِيْ
فَمَـا لِحَوادِثِ الدُّنْيَا بَقَاءُ
هِيَ الدُّنْيَا تُريْكَ الهَزْلَ جِدَّا ** وَعَـاشِقُهَا تُرِيْهِ النَّحْسَ سَعْدًا
فَطَلِّقْها وَعِشْ فِيْهَـا سَرَنْدَى ** وَكُنْ رَجُلاً عَلَى الأَهْوَالِ جَلْدًا
وشيْمَتُكَ السَّمَاحَةُ وَالْوَفَاءُ
وَصَـادِقْ ذَا الْمَكَارِمِ وَالسَّنَايَا ** وأََهْـلَ الفَضْلِ مِنْهُمْ وَالمَزَايَا
وَسِرْ فِيْ سِلْكِهِمْ وَدَعِ الْخَزَايَا ** وَإنْ كَثُرَتْ عُيُوبُكَ فِي البَرَايَا
وسَرَّكَ أنْ يَكُوْنَ لَهَا غِطَاءُ
فَـلا تَظْلِمْ وَلاَ تُنْذِرْ بِحَرْبٍ ** وَسَامِحْ مَا اسْتَطَعْتَ بِغَيْرِ عَتْبٍ
وَإِنْ أَقَصَاكَ عَيْبُكَ عَنْ مُحِبٍّ ** تَسَتَّرْ بِـالسَّخَّـاءِ فَكُلُّ عَيْبٍ
يُغَطِّيْهِ كَمَـا قِيْلَ السَّخَاءُ
وَكَنْ بِالْحِلْمِ مَعْرُوفـًا وَإِلاَّ ** سَتَخْسَرُ مَنْ تُحِبُّ مِنَ الأَخِلاّ
وَحَاذِرْ فِي الْمَوَاقِفِ أَنْ تَمَلاّ ** وَلاتُـرِلِلأَعَـادِي قَـطُّ ذُلاَّ
فَإِنَّ شَمَاتَةَ الأَعَدَا بَـلاَءُ
وَلاَ تَصْحَبْ أَخَا جَهْلٍ وَبِيْلٍ ** فَـإِنّ الْجَهْلَ أخْطرُ مِنْ عَلِيْلٍ
وَبَـذْلاً مِـنْ كثِيْرٍ أوْ قلِيْلٍ ** وَلاَ تَـرْجُ السَّمَاحَةَ مِنْ بخِيْلٍ
فَمَا فِي النَّارِ لِلظَّمْآنِ مَاءُ
ولَـمْ تُنَلِ الْمَطَالِبُ بِالتَّمَنِّيْ ** وَلاَ هَـلْ ذَا وَذَاكَ أحَقُّ مِنِّيْ
وَلاَ جُـهْدِ الْغُلامِ أوِ الْمُسِنِّ ** وَرِزْقُـكَ لَيْسَ ينْقصُهُ التّأنِّيْ
وَلَيْسَ يَزِيدُ فِي الرِّزْقِ الْعَنَاءُ
دَعِ الـدُّنْيَا فزِيْنَتُهَا غُـرُوْرُ ** وَأَقْدَارٌ تَسِيْرُ بِهَـا الأمُـورُ
فَيَفْنَى الْخَلْقُ أَجْمَعُ وَالْقُصُورُ ** وَلا حُـزْنٌ يَدُومُ وَلا سُرُورُ
وَلاَ بُؤْسٌ عَلَيْكَ وَلاَ رَخَاءُ
إِذَا أَصْبَحْتَ فِيْ ضَنْكٍ فَظِيْعٍ ** وَجُوعٍ أَيِّ جُوعٍ أيِّ جُوعٍ
فَلاَ تَسْألْ بِذُلٍّ أوْ خُضُوعٍ ** إِذَا مَـا كُنْتَ ذَا قَلْبٍ قَنُوعٍ
فَأنْتَ وَمَالِكُ الدّنْيَا سَوَاءُ
فَأيْنَ الأَشْقِيَاءُ ذَوُو الدَّنَايَا ** وأيْـنَ الأتقيَاءُ مِـنَ البَرَايَا
وأيْنَ وأيْنَ كلُّهُمُ ضَحَايَـا ** وَمَـنْ نزَلَتْ بِسَاحَتِهِ الْمَنَايَا
فَلاَ أرْضٌ تَقِيْهِ وَلاَ سَمَاءُ
فَيَا عَجَبًا لِمَنْ لِلْمَـالِ رَاكِنْ ** وَأَعْـجَبُ مِنْهُ جَبَّارٌ وَمَاجِنْ
أَمَا عَلِمُوا بِأَنَّ الْمَـوْتَ كَامِنْ ** وَأَرْضُ اللهِ وَاسِـعَـةٌ وَلَكِنْ
إِذَا نَزَلَ الْقَضَا ضَاقَ الْفَضَاءُ
فَـلاَ تَنْدُبْ لِمَوتِ أَخٍ وفِيٍّ ** وَلاَ طِـفْلٍ رَضِيْعٍ أوْ صَبِـيٍّ
فَهَـذَا فِعْلُ مِهْـذارٍ غَبِـيٍّ ** دَعِ الأيامَ تغْدِرُ كُـلَّ حَـيٍّ
فَمَا يُغْـنِى عَنِ الْمَوْتِ البُكَاءُ