ظافر الحداد السكندرى

ظافر الحداد السكندرى



حياته ونسبه وشعره :

ظافر الحداد شاعر مصرى سكندرى النشأة يمنى الأصل .

لقى شاعرنا اهتماما كبيرا من قبل المترجمين لحياة الشعراء والأدباء فقد ذكره كثير من أصحاب كتب التراجم مثل ابن خلكان فى " وفيات الأعيان " وياقوت الحموى فى " معجم الأدباء " والعماد الأصبهانى فى " خريدة القصر وجريدة العصر " والمقريزى فى " الخطط " وابن العماد الحنبلى فى " شذرات الذهب " وغيرهم .

وكذلك ظفر باهتمام الباحثين والأدباء فى عصرنا أمثال : محمد كامل حسين فى كتاب " فى أدب مصر الفاطمية " والدكتور أحمد أحمد بدوى فى كتاب " الحياة الأدبية ... " وبروكلمان المستشرق فى كتاب " تاريخ الأدب العربى " وعمر رضا كحالة فى كتاب " معجم المؤلفين " وغيرهم .

ولقد نشأ ظافر الحداد فى الأسكندرية و شب قيها ولم يلتحق بالأزهر فى القاهرة لبعده عنه ولم يلتحق بأى مدرسة أخرى بل كان عصاميا فى التعليم فقرأ الكتب الأدبية وحضر للعلماء واستمع إليهمولكنه لم يلزم شيخا يأخذ عنه بل كان يتردد على أندية الأدب ينهل منها ثم ذهب للقاهرة لينهل منها حيث الخلافة ووجهاء القوم فاستطاع الوصول إليهم ومدحهم ثم ما لبث أن عاد إلى مهده ـ الأسكندرية ـ فقربه أميرها الأمير سعيد بن المظفر منه .

ولم تقف أحلام شاعرنا إلى هذا المبلغ بل وصل لخلفاء الدولة الفاطمية ومدحهم .

توفى ظافر الحداد بمصر سنة 529 ه كما ذكر ابن خلكان ويافوت الحموى والإمام السيوطى وابن العماد الحنبلى .



موضوعات شعره :

لم يختلف شاعرنا عن بقة شعراء الدولة الفاطمية فى النظم عن الأحداث المعاصرة للدولة آنذاك , فنجد المدح والهجاء والرثاء والغزل والوصف والشكوى والنصح والوعظ والحنين إلى الوطن الذى كان سمة ظاهرة فى شعره .


مدائح ظافر الحداد :

لقد كان المدح من أحد الموضوعات الشعرية التى ظهرت فى شعر ظافر وقد أطال فيه وذلك لكثرة مدحه للخلفاء والأمراء .

وكان ظافر الحداد يمدح الرجل بأظهر سمة ظاهرة فيه فإن كان من القواد مدحه بخوضه الحروب وإن كان حكيما مدحه بالسداد وحسن تدبير الأمور فيقول فى مدحه لأحد الأمراء الفاطميين :




وروَّى جود كفك كل حال *** تلظت فيه هاجرة الجفاف



ألا يا كعبة الجود التى لم *** يَخْلُ بها رجاءٌ من طواف



فجدوى راحتيك لها طبيب *** يُعفى بالعطايا غير عافى


هجائياته :

والهجاء هو نقيض المدح أى الذم ولم يكن شاعرن من خوَّاض هذا الفن فقد كان عفيف اللسان ولكن كان يبتلى ببعض الحمقى والثقلاء الذين يتوجب عليك لقاؤهم فى الحياة ولو لمرة فكان يضطر لقوله وقد ابتلى مرة بحلاق سئ الصنعة قبيح الوجه واسمه مسعود !! فقال فيه :




لا أسعد الله مسعودا فصنعته *** كوجهه , كل قبح منه مختصرُ



لا يحلق الرأس إلا مرة , وبها *** تغنيه عن عودةٍ ما مدَّّ العمرُ



لأن ألطف مسٍ من أنامله *** سلخٌُ , وهل بعد سلخ ينبت الصخر ؟




وقال فى رجل كثير النسيان واسمه " أبو عامر " وكان ينسى الكلام من صعوده من الضمير وقبل النطق به ـ الله المستعان ـ فقال :




توافق الناس فى النسيان واختلفوا *** فكلُّ ناسٍ له جنسُ واشباه



إلا أباعامر لم يحو خاطره *** مذ كان كان لفظا ولا معنى فينساه



إذا تصعد لفظ من ضمائره ** ينساه من قبل أن يجرى به فاه




لوحاته الفنية :

وكان الوصف منتشر جدا فى شعره خاصة وصفه للأسكندرية فهو يحبها عشقا فكانت لها النصيب الأوفى من مدحه ووصفه لها فما ذكرها إلا متشوقا فيقول :




كأن البدر فيها عينُ ماءٍ *** لها من فائض النور انسكابُ



تضئ بها المساجد فهى تزهو *** بياضا مثل ما تزهو الكعابُ



تجاورها منارتها , وفيها *** وفى فانوسها عجب عجاب ُُ



سقى الله " السوارى " بالسوارى *** ودرت فى مذاهبها الذهاب


ويقول فى وصف الربيع :


هذا الربيع وهذه أنواره *** طاب الزمان وأورقت اشجرهُ



فاشرب على وجه الحبيب وغنِّنِى *** هذا هواك , وهذه آثاره



ويقول فى الشكوى :

ولى حاجة يرضى بها الله أولا *** وفيها ثناءٌ شائع ومديحُ

فعاجلها حمدٌ وشكرٌ مكرر *** ومتجرها يوم المعاد ربيحُ



أسلوبه وخصائص شعره :



الغالب على أسلوب شعر ظافر الحداد أسلوب عصره لم يستخدم الغريب إلا فى موضوع أو اثنين .

قال أحد الشعراء :


أنت اخى ما لم تكن لى حاجة *** فإن عرضت أيقنت أن لا أخا لى


فصاغه هو بقوله :


أنت صديق الناس ما لم تكن *** ترغب فيما عندهم من حطام



فإن تعرضت إلى رِفْدهم *** كنت عدوا لهمو , والسلامُ




وقد وُسِم بعض شعره بالمبالغة كقوله فى المدح :


لو راحةٍ عرفت بالعرف لو لمست *** صخرا لأثمر عند اللمس أصلبهُ



فالنيل والبحر من جدواه فى خجلٍ *** والسحب تحقر ما تهمى وتسكبهُ



وكذلك نظمه على بعض القوافى الصعبة والحروف النادرة كالذال والظاء والثاء وغيرها ولكن لعل نظمه لها من باب إثبات مهارته الفنية كغيره من الشعراء .

ولم يظفر ظافر الحداد من بعض الأخطء اللغوية والنحوية ولعل السبب عدم تتلمذه على عالم يصوب له أخطاءه

كقوله :

فأجبتها : ما عازنى نيل الغنى *** لكن مطالبة الحميد تجوز

والصحيح أعوزنى بدلا من عازنى .