منتديات قوارير الهدى
منتديات قوارير الهدى
منتديات قوارير الهدى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات قوارير الهدى

اسلامى / ثقافى / اجتماعى /______________________________________________ebrehim
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
اهلا بكم فى منتديات قواير الهدى ونتمنى لكم قضاء اجمل الاوقات
(وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا)
مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا}

 

 شروط الصلاة:

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
aemb_aemb




عدد المساهمات : 35
تاريخ التسجيل : 08/06/2011

شروط الصلاة: Empty
مُساهمةموضوع: شروط الصلاة:   شروط الصلاة: I_icon_minitimeالأربعاء يونيو 08, 2011 5:49 pm

شروط
الصلاة:



شروط
وجوب الصلاة:



الإِسلام:


تجب
الصلاة على كل مسلم ذكر أو أنثى. ولا تجب على الكافر الأصلي لأنها لو وجبت عليه حال
كفره لوجب عليه قضاؤها، لأن وجوب الأداء يقتضي وجوب القضاء، واللازم منتف، ويترتب
على هذا أنا لا نأمر الكافر بالصلاة في كفره ولا بقضائها إذا أسلم، لأنه أسلم خلق
كثير في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعده فلم يؤمر أحد بقضاء الصلاة، ولما
فيه من التنفير عن الإِسلام، ولقول الله تعالى:

{قُلْ
لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ
}
[الأنفال: 38] وهذا بناء على أن الكفار غير مكلفين. وعلى القول بتكليفهم وهو
المعتمد فهو شرط صحة.


وقد
صرح الشافعية والحنابلة بأن الصلاة لا تجب على الكافر الأصلي وجوب مطالبة
بها في الدنيا، لعدم صحتها منه، لكن يعاقب على تركها في الآخرة زيادة على كفره،
لتمكنه من فعلها بالإِسلام.


واختلف
الفقهاء في وجوب الصلاة على المرتد. فذهب جمهور الفقهاء - الحنفية والمالكية
والحنابلة
: - إلى أن الصلاة لا تجب على المرتد فلا يقضي ما فاته إذا رجع إلى
الإِسلام، لأنه بالردة يصير كالكافر الأصلي، وذهب الشافعية إلى وجوب الصلاة
على المرتد على معنى أنه يجب عليه قضاء ما فاته زمن الردة بعد رجوعه إلى الإِسلام
تغليظاً عليه، ولأنه التزمها بالإِسلام فلا تسقط عنه بالجحود كحق
الآدمي.


العقــــل:


يشترط
لوجوب الصلاة على المرء أن يكون عاقلاً، فلا تجب على المجنون باتفاق الفقهاء. لقول
النبي صلى الله عليه وسلم: "رفع القلم عن ثلاث: عن النائم حتى يستيقظ، وعن المبتلى
حتى يبرأ، وعن الصبي حتى يكبر" رواه أبو داود. وفي رواية الحاكم: "وعن المعتوه حتى
يفيق".


واختلفوا
فيمن تغطى عقله أن ستر بمرض أو إغماء أو دواء مباح.


فذهب
الحنفية: إلى التفريق بين أن يكون زوال العقل بآفة سماوية، أو بصنع العبد، فإن كان
بآفة سماوية كأن جنّ أو أغمي عليه ولو بفزع من سبع أو آدمي نظر، فإن كانت فترة
الإِغماء يوماً وليلة فإنه يجب عليه قضاء الخمس، وإن زادت عن ذلك فلا قضاء عليه
للحرج، ولو أفاق في زمن السادسة إلا أن تكون إفاقته في وقت معلوم فيجب عليه قضاء ما
فات إن كان أقل من يوم وليلة مثل أن يخف عنه المرض عند الصبح مثلاً فيفيق قليلاً ثم
يعاوده فيغمى عليه، فتعتبر هذه الإِفاقة، ويبطل ما قبلها من حكم الإِغماء إذا كان
أقل من يوم وليلة، وإن لم يكن لإِفاقته وقت معلوم لكنه يفيق بغتة فيتكلم بكلام
الأصحاء ثم يغمى عليه فلا عبرة بهذه الإِفاقة.


وإن
كان زوال العقل بصنع الآدمي كما لو زال عقله ببنج أو خمر أو دواء لزمه قضاء ما فاته
وإن طالت المدة: ويسقط القضاء بالبنج والدواء، لأنه مباح فصار كالمريض، والمراد شرب
البنج لأجل الدواء، أما لو شربه للسكر فيكون معصية بصنعه كالخمر. ومثل ذلك النوم
فإنه لا يسقط القضاء، لأنه لا يمتد يوماً وليلة غالباً، فلا حرج في
القضاء.


وذهب
المالكية
:
إلى سقوط وجوب الصلاة على من زال عقله بجنون أو إغماء ونحوه، إلا إذا زال العذر وقد
بقي من الوقت الضروري ما يسع ركعة بعد تقدير تحصيل الطهارة المائية أو الترابية،
فإذا كان الباقي لا يسع ركعة سقطت عنه الصلاة. ويستثنى من ذلك من زال عقله بسكر
حرام فإنه تجب عليه الصلاة مطلقاً، وكذا النائم والساهي تجب عليهما الصلاة، فمتى
تنبه الساهي أو استيقظ النائم وجبت عليهما الصلاة على كل حال سواء أكان الباقي يسع
ركعة مع فعل ما يحتاج إليه من الطهر أم لا، بل ولو خرج الوقت ولم يبق منه
شيء.


وعند
الشافعية
:
لا تجب الصلاة على من زال عقله بالجنون أو الإِغماء أو العته أو السكر بلا تعد في
الجميع، لحديث عائشة: "رفع القلم عن ثلاث: عن النائم حتى يستيقظ، وعن المعتوه حتى
يبرأ، وعن الصبي حتى يكبر".


فورد
النص في المجنون، وقيس عليه من زال عقله بسبب يعذر فيه، وسواء قلّ زمن ذلك أو طال،
إلا إذا زالت هذه الأسباب وقد بقي من الوقت الضروري قدر زمن تكبيرة فأكثر، لأن
القدر الذي يتعلق به الإِيجاب يستوي فيه الركعة وما دونها، ولا تلزمه بإدراك دون
تكبيرة، وهذا بخلاف السكر أو الجنون أو الإِغماء المتعدِّى به إذا أفاق فإنه يجب
عليه قضاء ما فاته من الصلوات زمن ذلك لتعديه.


قالوا:
وأما الناسي للصلاة أو النائم عنها والجاهل لوجوبها فلا يجب عليهم الأداء، لعدم
تكليفهم، ويجب عليهم القضاء، لحديث: "من نسي صلاة أو نام عنها فكفارتها أن يصلّيها
إذا ذكرها" رواه مسلم ويقاس على الناسي والنائم: الجاهل إذا كان قريب عهد
بالإِسلام.


وقصر
الحنابلة
عدم
وجوب الصلاة على المجنون الذي لا يفيق، لحديث عائشة - رضي الله عنها - مرفوعاً:
"رفع القلم عن ثلاث: عن النائم حتى يستيقظ، وعن المعتوه حتى يفيق، وعن الصبي حتى
يكبر" ولأنه ليس من أهل التكليف أشبه الطفل، ومثله الأبله الذي لا
يفيق.


وأما
من تغطى عقله بمرض أو إغماء أو دواء مباح فيجب عليه الصلوات الخمس، لأن ذلك لا يسقط
الصوم، فكذا الصلاة، ولأن عمّاراً - رضي الله عنه - "غشي عليه ثلاثاً، ثم أفاق
فقال: هل صليت؟ فقالوا: ما صليت من ثلاث، ثم توضأ وصلى تلك الثلاث"، وعن عمران بن
حصين وسمرة بن جندب نحوه، ولم يعرف لهم مخالف، فكان كالإجماع، ولأن مدة الإِغماء لا
تطول - غالباً - ولا تثبت عليه الولاية، وكذا من تغطى عقله بمحرم - كمسكر - فيقضي،
لأن سكره معصية فلا يناسب إسقاط الواجب عنه.


وكذا
تجب الصلوات الخمس على النائم: بمعنى يجب عليه قضاؤها إذا استيقظ لقوله صلى الله
عليه وسلم : "من نسي صلاة أو نام عنها فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها" رواه مسلم.
ولو لم تجب عليه حال نومه لم يجب عليه قضاؤها كالمجنون، ومثله
الساهي.


البلوغ:


لا
خلاف بين الفقهاء في أن البلوغ شرط من شروط وجوب الصلاة، فلا تجب الصلاة على الصبي
حتى يبلغ، للخبر الآتي، ولأنها عبادة بدنية، فلم تلزمه كالحج، لكن على وليه أن
يأمره بالصلاة إذا بلغ سبع سنوات، ويضربه على تركها إذا بلغ عشر سنوات، لحديث عمرو
بن شعيب عن أبيه عن جده، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مروا أولادكم بالصلاة
وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرّقوا بينهم في المضاجع".
رواه أبو داود.


وقد
حمل جمهور الفقهاء - الحنفية والشافعية والحنابلة - الأمر في الحديث على
الوجوب، وحمله المالكية على الندب.


وقد
صرح الحنفية

بأن الضرب يكون باليد لا بغيرها كالعصا والسوط، وأن لا يجاوز الثلاث، ويفهم من كلام
المالكية جوازه بغير اليد، ولا يحد بعدد كثلاثة أسواط بل يختلف باختلاف حال
الصبيان، ومحل الضرب عند المالكية إن ظن إفادته، قالوا: الضرب يكون مؤلماً غير مبرح
إن ظن إفادته وإلا فلا.


وقد
ذهب الحنفية والحنابلة

إلى أن وجوب الأمر بها يكون بعد استكمال السبع والأمر بالضرب يكون بعد العشر بأن
يكون الأمر في أول الثامنة وبالضرب في أول الحادية عشرة. وقال المالكية: يكون الأمر
عند الدخول في السبع والضرب عند الدخول في العشر.


وقال
الشافعية: يضرب في أثناء العشر، ولو عقب استكمال التسع، لأن ذلك مظنة البلوغ، وأما
الأمر بها فلا يكون إلا بعد تمام السبع.


شروط
صحة الصلاة:



يشترط
لصحة الصلاة: الإسلام والتمييز والعقل، كما يشترط ذلك لوجوب الصلاة، فتصح الصلاة من
المميز، لكن لا تجب عليه، وهناك شروط إحدى عشرة أخرى متفق عليها بين الفقهاء: وهي
دخول الوقت، والطهارة عن الحدثين، والطهارة عن النجس، وستر العورة، واستقبال
القبلة، والنية.


1-
العلم
بدخول الوقت:



لقول
الله تعالى: {أَقِمْ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ
وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا
} [الإسراء: 78]
ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: "أمّني جبريل عند البيت مرتين، فصلى الظهر في
الأولى منهما حين كان الفيء مثل الشراك، ثم صلى العصر حين كان كل شيء مثل ظله، ثم
صلى المغرب حين وجبت الشمس وأفطر الصائم، ثم صلى العشاء حين غاب الشفق، ثم صلى
الفجر، حين برق الفجر وحرم الطعام على الصائم. وصلى المرة الثانية الظهر حين كان ظل
كل شيء مثله لوقت العصر بالأمس، ثم صلى العصر حين كان ظل كل شيء مثليه، ثم صلى
المغرب لوقته الأول، ثم صلى العشاء الآخرة حين ذهب ثلث الليل، ثم صلى الصبح حين
أسفرت الأرض، ثم التفت إليّ جبريل وقال: يا محمد هذا وقت الأنبياء من قبلك، والوقت
فيما بين هذين الوقتين". رواه الترمذي وقال: حديث حسن.


وقد
اتفق الفقهاء على أنه يكفي في العلم بدخول الوقت غلبة الظن.


2-
الطهارة
عن الحدثين:



الأصغر
والأكبر (الجنابة والحيض والنفاس) بالوضوء والغسل أو التيمم، لقوله تعالى: {يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا
وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ
.... إلى قوله سبحانه:
{وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} [المائدة: 6] ولقوله صلى الله عليه
وسلم: "لا يقبل الله صلاة بغير طهور". رواه مسلم. "لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا
أحدث حتى يتوضأ". متفق عليه.


والطهارة
عن الحدث شرط في كل صلاة، مفروضة أو نافلة، كاملة أو ناقصة كسجدة التلاوة، وسجدة
الشكر.


فإذا
صلى بغير طهارة، لم تنعقد صلاته.


وإذا
تعمد الحدث بطلت الصلاة بالإجماع، إلا في آخر الصلاة فلا تبطل عند الحنفية، وإن
سبقه الحدث بطلت صلاته حالاً عند الشافعية والحنابلة، لقوله صلى الله عليه وسلم
"إذا فسا أحدكم في الصلاة، فلينصرف وليتوضأ وليعد صلاته". رواه مسلم وأبو داود
والترمذي وقال الحنفية: لا تبطل في الحال وإنما تبطل بمكثه قدر أداء ركن بعد سبق
الحدث مستيقظاً بلا عذر. فإن وجد عذر كرعاف مثلاً بنى على صلاته إن شاء (أي أكملها
من بعد وقت العذر) بعد استكمال الطهارة، وإن شاء استأنف الصلاة، أي ابتدأها من
جديد، ويخرج من الصلاة واضعاً يده على أنفه تستراً.


وقال
المالكية كالحنفية
:
يجوز البناء على الصلاة في حالة الرعاف بشروط ستة بعد أن يخرج من الصلاة ممسكاً
أنفه من أعلاه وهو مارنه، لا من أسفله من الوترة لئلا يبقى الدم في طاقتي أنفه.
وهذا الشروط هي:


الأول:
إن لم يتلطخ بالدم بما يزيد على درهم، وإلا قطع الصلاة.


الثاني:
ولم يجاوز أقرب مكان ممكن، لغسل الدم فيه، فإن تجاوزه بطلت
الصلاة.


الثالث:
أن يكون المكان الذي يغسل فيه قريباً، فإن كان بعيداً بعداً فاحشاً
بطلت.


الرابع:
ألا يستدبر القبلة بلا عذر، فإن استدبرها لغير عذر بطلت.


الخامس:
ألا يطأ في طريقه نجساً، وإلا بطلت.


السادس:
ألا يتكلم في مضيه للغسل، فإن تكلم ولو سهواً بطلت.


3- الطهارة
عن الخبث:
أي
النجاسة الحقيقية.


وهي
طهارة البدن والثوب والمكان عن النجاسة الحقيقية، لقوله تعالى:


{وَثِيَابَكَ
فَطَهِّرْ
} [المدثر: 4] وإذا وجب تطهير الثوب فتطهير البدن أولى، ولقول النبي
صلى الله عليه وسلم: "تنزهوا من البول، فإن عامة عذاب القبر منه" رواه الدارقطني
وقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغسلي عنك
الدم وصلي". رواه البخاري ومسلم فثبت الأمر باجتناب النجاسة، والأمر بالشيء نهي عن
ضده، والنهي في العبادات يقتضي الفساد.


وأما
طهارة مكان الصلاة فلقوله تعالى:

{أَنْ
طَهِّرَا بَيْتِي لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ
}
[البقرة:125] وقوله تعالى: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} فهي تدل بدلالة النص على
وجوب طهارة المكان كما استدل بها على وجوب طهارة البدن كما
سبق.


ولما
روي عن النبي صلى الله عليه وسلم: "أنه نهى عن الصلاة في المزبلة والمجزرة ومعاطن
الإِبل وقوارع الطريق والحمام والمقبرة ... إلخ". رواه
الترمذي.


ومعنى
النهي عن الصلاة في المزبلة والمجزرة كونهما موضع النجاسة.

مسائل
متفرعة على طهارة الثوب والبدن والمكان:



طهارة
الثوب والبدن:



أ-
لو وقعت ثياب المصلي كالعباءة على أرض نجسة عند السجود: لا يضر ذلك عند الحنفية،
لأن المفسد للصلاة عندهم أن يكون النجس في موضع قيامه أو جبهته أو في موضع يديه أو
ركبتيه.


وتفسد
الصلاة عند الشافعية والحنابلة، فلا تصح صلاة ملاقٍ بعضُ لباسه أو بدنه
نجاسة، لأن ثوب المصلي تابع له، وهو كعضو سجوده.


ب-
جهل النجاسة: لو صلى حاملاً نجاسة غير معفو عنها، ولا يعلمها: تبطل صلاته في
المذاهب الثلاثة (غير المالكية) وعليه قضاؤها، لأن الطهارة مطلوبة في
الواقع، ولو مع جهله بوجود النَّجِس أو بكونه مبطلاً، لقوله تعالى: {وَثِيَابَكَ
فَطَهِّرْ
} [المدثر: 4] والمشهور عند المالكية: أن الطهارة من الخبث أو إزالة
النجاسة واجبة في حال الذكر والقدرة، فمن صلى بها ذاكراً قادراً، أعاد، ويسقط
الوجوب بالعجز والنسيان، فلا يعيد إن صلى ناسياً أو عاجزاً.


جـ-
الثوب المتنجس أو المكان النجس: إن لم يجد المصلي غير ثوب عليه نجاسة غير معفو عنها
ولم يتيسر غسل النجاسة، أو وجد الماء ولم يجد من يغسلها وهو عاجز عن غسلها، أو وجده
ولم يرض إلا بأجرة ولم يجدها، أو وجدها ولم يرض إلا بأكثر من أجرة المثل، أو حبس
على نجاسة، واحتاج إلى فرض السترة عليها، لم يجز لبس الثوب النجس عند الشافعية لأنه
سترة نجسة، وجاز لبسه عند الحنفية والمالكية والحنابلة وصلى بالثوب النجس
عند المالكية، وصلى عندهم قائماً عُرْياناً إن لم يجد ثوباً يستر به عورته، لأن ستر
العورة مطلوب عند توفر القدرة على سترها، والمعتمد الإعادة في الوقت إن وجد ثوباً
طاهراً. إن صلى بنجس أو بحرير أو بذهب ولو خاتماً، أو صلى
عرياناً.


ويصلي
في حال فقد الساتر جالساً، يومئ إيماءً عند الحنابلة والحنفية، عملاً بفعل ابن عمر،
روى الخلال بإسناده عن ابن عمر في قوم انكسرت مراكبهم، فخرجوا عراة، قال: "يصلون
جلوساً، يؤمئون إيماءً برءوسهم" وروى عبد الرازق عن ابن عباس، قال: "الذي يصلي في
السفينة، والذي يصلي عرياناً، يصلي جالساً". أما في حالة وجود الساتر النجس فيصلي
فيه، ولا يعيد، ولا يصلي عرياناً، لأن الستر آكد من إزالة النجاسة، فكان أولى، ولأن
النبي صلى الله عليه وسلم قال: "غطِّ فخذك" وهذا عام، ولأن السترة متفق على
اشتراطها، والطهارة من النجاسة مختلف فيها، فكان المتفق عليه
أولى.


ويصلي
عند الشافعية عرياناً قائماً متماً الأركان، ولا إعادة عليه على المذهب
عندهم، لأن الصلاة مع العري يسقط بها الفرض. لكن لو كان على بدنه نجاسة غير معفو
عنها، ولم يجد ما يغسل به، صلى وأعاد كفاقد الطهورين، لأن الصلاة مع النجاسة لا
يسقط بها الفرض.


وفصل
الحنفية

في الأمر فقالوا: إن كان ربع الثوب فأكثر طاهراً، صلى فيه حتماً، ولم يصل عرياناً،
لأن الربع كالكل، يقوم مقامه في مواضع منها كشف العورة، ويتحتم عليه تقليل النجاسة
بقدر الإمكان، ويلبس أقل ثوبيه نجاسة.


وإن
كان أقل من ربعه طاهراً، ندب صلاته فيه بالقيامة والركوع والسجود، وجاز أن يصلي
عارياً بالإيماء، والصلاة في ثوب نجس الكل أحب من الصلاة عرياناً. وإذا لم يجد
المسافر ما يزيل به النجاسة أو يقللها، صلى معها، أو عارياً، ولا إعادة عليه،
والقاعدة عندهم: أن فاقد ما يزيل به النجاسة يصلي معها، ولا إعادة عليه، ولا على
فاقد ما يستر عورته. والصلاة عُرْياناً: أن يمد رجليه إلى القبلة لكونه أستر، ويومئ
إيماء بالركوع والسجود وهو أفضل من الصلاة قائماً، لأن الستر
آكد.


د-
جهالة محل النجاسة في الثوب: إذا وجد ثوب متنجس، ولكن خفي عليه موضع
النجاسة:


يكفي
عند الحنفية غسل طرف من الثوب، ولو من غير تحر، ويطهر. ويغسل الثوب كله أو
البدن كله عند الشافعية إن كان الخفاء في جميعه، وكذلك يغسل كله على الصحيح إن ظن
طرفاً، لأن الثوب والبدن واحد. ولو اشتبه عليه طاهر ونجس من ثوبين أو بيتين، اجتهد
فيهما للصلاة.


هـ-
طرف الثوب على نجاسة: لو كان على المصلي ثوب أو غيره وطرفه واقع على نجاسة كطرف
عمامته الطويلة أو كمه الطويل المتصل بنجاسة:


لم
تصح صلاته عند الشافعية كالمسألة الأولى، وإن لم يتحرك الطرف الذي يلاقي النجاسة
بحركته أثناء قيامه وقعوده أو ركوعه وسجوده، لأن اجتناب النجاسة في الصلاة شرع
للتعظيم، وهذا ينافيه هنا. وذلك بخلاف ما لو سجد على متصل بالنجاسة حيث تصح الصلاة
إن لم يتحرك بحركته، لأن المطلوب في السجود كونه مستقراً على غيره، لحديث "مكّن
جبهتك" فإذا سجد على متصل بنجس لم يتحرك بحركته، حصل المقصود. وعلى هذا لا يضر في
صحة الصلاة نجس يحاذي صدر المصلي في الركوع والسجود وغيرهما على الصحيح، لعدم
ملاقاته له.


وقال
الحنفية
:
تصح صلاته إن لم يتحرك الطرف النجس بحركته، فإن تحرك لم تصح، لأن الشرط عندهم طهارة
ثوب المصلي وما يتحرك بحركته، أو يعد حاملاً له، كما سيأتي. وذلك بخلاف ما لم يتصل
كبساط طرفه نجس، وموضع الوقوف والجبهة طاهر، فلا يمنع صحة
الصلاة.


و-
إمساك حبل مربوط بنجس: إذا أمسك المصلي حبلاً مربوطاً بنجس، كالحبل الذي يمسك به
كلب بقلادة في عنقه، أو دابة أو مركب صغير يحملان نجساً:


لم
تصح صلاته عند الشافعية، لأن الكلب سواء أكان صغيراً أم كبيراً نجس العين
عندهم، ويصبح المصلي في هذه الحالة حاملاً نجساً، لأنه إذا مشى انجر معه. بخلاف
السفينة الكبيرة التي لا تنجر بجره، فإنها كالدار، تصح الصلاة بحبل متصل بها. لكن
لو جعل طرف الحبل تحت رجله، صحت صلاته في جميع الصور عند
الشافعية
.


وتصح
صلاته عند الحنفية كالحالة السابقة في حالة إمساك الكلب لأنه ليس بنجس
العين، بل هو طاهر الظاهر، كغيره من الحيوانات سوى الخنزير، فلا ينجس إلا بالموت.
وذلك إذا لم يسل من الكلب ما يمنع الصلاة.


ز-
حمل بيضة صار مُحُّها(1)
دماً: لو صلى المصلي حاملاً بيضة مَذِرة (فاسدة) صار محها دماً، جاز عند الحنفية،
كمسألة الكلب، لأن الدم في معدن البيض، والشيء ما دام في معدنه لا يعطى له حكم
النجاسة، بخلاف ما لو حمل قارورة فيها بول، فلا تجوز صلاته، لأنه في غير
معدنه.

__________________

(1) المح
: خالص كل شيء. والمراد هنا صفرة البيض أو كل ما في البيض.




ولا
تصح صلاته في الحالتين عند الشافعية، لأنه يكون حاملاً
نجاسة.


ح-
حمل صبي صغير في الصلاة: لو حمل المصلي صبياً صغيراً عليه نجس: تبطل صلاته عند
الحنفية إن لم يستمسك بنفسه، لأنه يعد حاملاً للنجاسة، ويشترط عندهم طهارة ما يعد
حاملاً له أي باستثناء ما يكون في الجوف كمسألة الكلب والبيضة السابقة. وتصح صلاته
إن كان الصغير يستمسك بنفسه، لأنه لا يعد حاملاً للنجاسة.


وقال
الشافعية كالحنفية
وغيرهم
اتفاقاً لا خلاف فيه: لا يضر حمل الصبي الذي لا تظهر عليه نجاسة، فلو حمل حيواناً
طاهراً في صلاته، صحت صلاته، لأن النبي صلى الله عليه وسلم حمل أمامة بنت أبي العاص
في صلاته. متفق عليه. ولأن ما في الحيوان من النجاسة في معدن النجاسة هو كالنجاسة
التي في جوف المصلي.


ط-
وصل العظم بنجس: قال الشافعية: لو وصل عظمه المنكسر بنجس لفقد الطاهر، فهو
معذور تصح صلاته معه للضرورة.

ثانياً-
طهارة المكان:



أ-
الصلاة على بساط عليه نجاسة: إذا صلى على بساط عليه نجاسة: فإن صلى على الموضع
النجس، فلا تصح صلاته بالاتفاق، لأنه ملاق للنجاسة، ووضع العضو على النجاسة بمنزلة
حملها، وإن صلى على موضع طاهر صحت صلاته اتفاقاً أيضاً، ولو كان البساط صغيراً عند
الحنفية، لأنه غير ملاق للنجاسة ولا حامل لما هو متصل
بالنجاسة.


ب-
الصلاة على موضع نجس بحائل: إن فرش على الأرض النجسة شيئاً وصلى عليه، جاز بالاتفاق
إن صلح الفرش ساتراً للعورة، لأنه غير مباشر للنجاسة ولا حامل لما هو متصل بها. فإن
لامس النجاسة من ثقوب الفرش، بطلت صلاته، وأضاف الحنفية: أنه تجوز الصلاة
على لِبْد (فرش سميك) وجهه الأعلى طاهر، والأسفل نجس، وعلى ثوب طاهر وبطانته نجسة
إذا كان غير مخيط بها، لأنه كثوبين فوق بعضهما.


جـ-
النجاسة في بيت أو صحراء: إذا كانت النجاسة في بيت أو صحراء وعرف مكانها، صلى في
المواضع الخالية عن النجاسة.


وإن
خفي عليه موضعها: تحرى المكان الطاهر وصلى عند الحنفية.


وقال
الشافعية: إن كانت الأرض واسعة كصحراء، فصلى في موضع منها جاز، لأنه غير متحقق لها،
ولأن الأصل فيها الطهارة، ولا يمكن غسل جميعها.


وإن
كانت الأرض صغيرة كبيت، لم يجز أن يصلي فيه حتى يغسله، كما في حالة الشك بنجاسة جزء
من الثوب، لأن البيت ونحوه يمكن غسله وحفظه من النجاسة،فإذا نجس أمكن غسله، وإذا
خفي موضع النجاسة منه غسله كله كالثوب.


وإن
كانت النجاسة في أحد البيتين واشتبها عليه، تحرى كما يتحرى في
الثوبين.


وإن
حبس في موضع نجس - حُش (هو الخلاء)، وجب عليه أن يصلي عند جمهور العلماء، لقوله صلى
الله عليه وسلم: "وإذا أمرتكم بشيء، فأتوا منه ما استطعتم" متفق عليه. وقياساً على
المريض العاجز عن بعض الأركان.


وإذا
صلى يجب عليه أن يتجافى عن النجاسة في قعوده بيديه وركبتيه وغيرهما القدر الممكن،
ويجب عليه أيضاً الإيماء أو الانحناء في السجود إلى القدر الذي لو زاد عليه لاقى
النجاسة، ولا يسجد على الأرض، على الصحيح، لأن الصلاة قد تجزئ مع الإيماء، ولا تجزئ
مع النجاسة.


وتجب
عليه الإعادة في موضع طاهر جديد، لأنه ترك الفرض لعذر نادر غير متصل، فلم يسقط عنه
الفرض، كما لو ترك السجود ناسياً. والذي يعتبر فرضاً هو الصلاة
الثانية.

4- ستر
العورة:



لقول
الله تعالى: {يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ}
[الأعراف:31]

قال
ابن عباس - رضي الله عنهما -: المراد به الثياب في الصلاة.


ولقول
النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار" رواه أبو داود وقال
الترمذي حديث حسن، ولأن ستر العورة حال القيام بين يدي الله تعالى من باب
التعظيم.


شروط
الساتر:



1- يجب
أن يكون صفيقاً كثيفاً: فالواجب الستر بما يستر لون البشرة ولا يصفها من ثوب صفيق
أو جلد أو ورق، فإن كان الثوب خفيفاً أو رقيقاً يصف ما تحته أو يتبين لون الجلد من
ورائه، فيعلم بياضه أو حمرته، لم تجز الصلاة به، لأن الستر لا يحصل بذلك. وإن كان
يستر لونها، ويصف الخلقة أو الحجم، جازت الصلاة به، لأن هذا مما لا يمكن التحرز
منه، حتى ولو كان الساتر صفيقاً، لكنه عند الشافعية للمرأة مكروه، وللرجل
خلاف الأولى.


وقال
الشافعية
:
شرط الساتر: ما يمنع لون البشرة، ولو ماء كدراً أو طيناً، لا خيمة ضيقة وظلمة، ويجب
عندهم أن يكون الساتر طاهراً.

وقال
المالكية
:
إن ظهر ما تحته فهو كالعدم، وإن وصف فهو مكروه.


2- والشرط
عند الشافعية والحنابلة: أن يشمل المستور لبساً ونحوه، فلا تكفي الخيمة
الضيقة والظلمة.


3- والمطلوب
هو ستر العورة من جوانبها، عند الحنفية، وغيرهم من الفقهاء، فلا يجب الستر من أسفل
أو من فتحة قميصه، فلو صلى على زجاج يصف ما فوقه، جاز.


وإن
وجد ما يستر بعض عورته، يجب سترها ولو بيده عند الشافعية، لحصول المقصود،
فإن كفى الساتر سوأتيه أو الفرجين تعين لهما، وإن كفى أحدهما تعين عليه ستر القُبُل
ثم الدبر عند الشافعية، وبالعكس عند الحنفية والمالكية. ويجب أن يزر قميصه
أو يشد وسطه إن كانت عورته تظهر منه في الركوع أو غيره.


الصلاة
في الثوب الحرام:
ويصح
الستر مع الحرمة عند المالكية والشافعية، وتنعقد الصلاة مع الكراهة
التحريمية عند الحنفية: بما لا يحل لبسه كثوب حرير للرجل، ويأثم بلا عذر،
كالصلاة في الأرض المغصوبة.


وقال
الحنابلة
:
لا تصح بالحرام كلبس ثوب حرير، أو صلاة في أرض مغصوبة ولو منفعتها أو بعضها، أو
صلاة في ثوب ثمنه كله أو بعضه حرام أو كان متختماً بخاتم ذهب، إن كان عالماً
ذاكراً، لما روى أحمد عن ابن عمر: "من اشترى ثوباً بعشرة دراهم، وفيه درهم حرام، لم
يقبل الله له صلاة، مادام عليه" ثم أدخل أصبعيه في أذنيه وقال: "صُمَّتا إن لم يكن
النبي صلى الله عليه وسلم سمعته يقوله"، ولحديث عائشة: "من عمل عملاً ليس عليه
أمرنا فهو رد" رواه مسلم، ولأن قيامه وقعوده ولبثه فيه محرم منهي عنه، فلم يقع
عبادة كالصلاة في زمن الحيض، وكالنجس.


فإن
جهل كونه حريراً أو غصباً، أو نسي كونه حريراً أو غصباً، أو حبس بمكان غصب أو نجس،
صحت صلاته، لأنه غير آثم.


واتفق
علماء المذاهب: أن ستر العورة واجب ولو بإعارة، فإن صلى عرياناً مع وجود ثوب عارية،
أو مع وجود حرير طاهر عند الجمهور غير الحنابلة، بطلت صلاته. ولو وُعد به ينتظر ما
لم يخف فوات الوقت، وهو الأظهر عند الحنفية، ويلزمه الشراء بثمن المثل كالمقرر في
شراء الماء سابقاً.


عادم
الساتر:
ومن
لم يجد ساتراً لعورته: صلى عرياناً عند المالكية، لأن ستر العورة مطلوب عند
القدرة، ويسقط بالعجز.


وصلى
قاعداً يومئ إيماء عند الحنابلة، عملاً بفعل ابن عمر كما بينا سابقاً في
الشرط الثالث.


ويجب
عليه أن يصلي عند الشافعية والحنفية ولو بطين يتطين به يبقى إلى تمام صلاته،
أو بماء كدر غير صاف، وتكفيه الظلمة للاضطرار عند الحنفية والمالكية، وباليد
عند الشافعية في الأصح وعند الحنابلة لحصول المقصود كما قدمنا، ويصلي
قائماً عند الشافعية متمماً الأركان، ولا إعادة عليه على المذهب عندهم كما
أوضحنا. ويصلي قاعداً مومياً بركوع وسجود عند الحنفية كالحنابلة، وهو أفضل
من الصلاة قائماً بإيماء أو بركوع وسجود، لأن الستر أهم من أداء
الأركان.


قال
الحنابلة
:
ومن كان في ماء وطين ولم يمكنه السجود على الأرض إلا بالتلوث بالطين والبلل بالماء
صلى على دابته، يومئ بالركوع والسجود.


انكشاف
العورة فجأة:
إن
انكشفت عورة المصلي فجأة بالريح مثلاً عن غير عمد، فستره في الحال، لم تبطل صلاته
عند الشافعية والحنابلة لانتفاء المحذور، وإن قصر أو طال الزمان، بطلت
لتقصيره، ولأن الكثير يفحش انكشاف العورة فيه، ويمكن التحرز منه، فلم يعف عنه. وقال
المالكية: تبطل الصلاة مطلقاً بانكشاف العورة المغلظة.


وقال
الحنفية: إذا انكشف ربع العضو من أعضاء العورة، فسدت الصلاة إن استمر بمقدار أداء
ركن، بلا صنعه، فإن كان بصنعه فسدت في الحال.


صلاة
العراة جماعة:
الجماعة
مشروعة للعراة، فلهم عند الشافعية والحنابلة أن يصلوا فرادى أو جماعة، وفي حال
الصلاة جماعة يقف الإمام معهم في الصف وسطاً، ويكون المأمومون صفاً واحداً، حتى لا
ينظر بعضهم إلى عورة بعض، فإن لم يمكن إلا صفين، صلوا وغضوا
الأبصار.


وإن
اجتمع نسوة عراة، استحب لهن الجماعة، وتقف وسطهن في كل حال لأنهن عورات، وذلك لأن
صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفرد، كما هو الثابت في السنة. ويصلون قياماً مع إتمام
جميع الأركان عند الشافعية، ويومئون إيماء، ويكون سجودهم أخفض من ركوعهم عند
الحنابلة
.


وهل
الأفضل أن يصلوا جماعة أم فرادى؟


قال
الشافعية
:
إن كانوا عُمْياً أو في ظلمة بحيث لا يرى بعضهم بعضاً، استحبت الجماعة بلا خلاف،
ويقف إمامهم قُدَّامهم. وإن كانوا بحيث يرون، فأصح الأقوال أن الجماعة والانفراد
سواء.


وإن
وجد مع إنسان كسوة، استحب أن يعيرهم، فإن لم يفعل، لم يغصب منه، لأن صلاتهم تصح من
غير سترة.


وقال
المالكية والحنفية
:
يصلون فرادى، ويتباعد بعضهم من بعض، وإن كانوا في ظلمة صلوا جماعة ويتقدمهم إمامهم.
وإن لم يمكن تفرقهم صلوا جماعة قياماً صفاً واحداً مع ركوع وسجود، إمامهم وسطهم،
غاضين أبصارهم وجوباً.

حد
العورة:
يشترط
عند أئمة المذاهب لصحة الصلاة ستر العورة لكن الفقهاء اختلفوا في حد العورة
للرجل.


مذهب
الحنفية:



أ-
عورة الرجل
:
هي ما تحت سرته إلى ما تحت ركبته فالركبة من الفخذ عورة.


ب-
المرأة ومثلها الخنثى
:
جميع بدنها حتى شعرها النازل ما عدا الوجه والكفين، والقدمين ظاهرهما وباطنهما
لعموم الضرورة، والصوت ليس بعورة، والقدمان ليسا بعورة في حق الصلاة، والصحيح أنهما
عورة في حق النظر والمس. واستدلوا بقوله تعالى:

{وَلا
يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا
} [النور: 31] والمراد محل
زينتهن، وما ظهر منها: الوجه والكفان، كما قال ابن عباس وابن عمر، وبقوله صلى الله
عليه وسلم: "المرأة عورة، فإذا خرجت استشرفها الشيطان" رواه الترمذي. وبحديث عائشة
السابق: "يا أسماء، إن المرأة إذا بلغت المحيض، لم يصلح أن يرى منها إلا هذا وهذا،
وأشار إلى وجهه وكفه". رواه أبو داود.


وبحديث
عائشة المتقدم أيضاً: "لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار" والخمار : ما يغطى به رأس
المرأة.


وقال
الحنفية
:
أن كشف ربع عضو من أعضاء العورة (الغليظة وهي القبل والدبر وما حولهما، أو المخففة:
وهي ماعدا السوأتين) إن استمر بمقدار أداء ركن، بدون تعمد، يبطل الصلاة، لأن ربع
الشيء له حكم الكل، كما قدمنا سابقاً. ولا تبطل بما دون ذلك.


مذهب
المالكية:



يجب
ستر العورة عن أعين الناس إجماعاً، أما في الصلاة فالعورة
هي:


أ-
عورة الرجل في الصلاة:

هي المغلظة فقط وهي السوأتان وهما من المقدم: الذكر مع الأنثيين، ومن المؤخر: ما
بين الأليتين. فيجب إعادة الصلاة في الوقت لمكشوف الأليتين فقط، أو مكشوف العانة.
فليس الفخذ عورة عندهم، وإنما السوأتان فقط، لحديث أنس "أن النبي صلى الله عليه
وسلم يوم خيبر حَسَر الإزار عن فخذه، حتى إني لأنظر إلى بياض فخذه". رواه
البخاري.


ب-
عورة المرأة المغلظة
:
جميع البدن ما عدا الصدر والأطراف من رأس ويدين ورجلين. وما قابل الصدر من الظهر
كالصدر. فإن انكشف من العورة المخففة شيء من صدرها أو أطرافها، ولو ظهر قدم لا
باطنه، أعادت في الوقت الضروري السابق بيانه: في الظهرين للاصفرار، وفي العشاءين
الليل كله، وفي الصبح للطلوع.


فمن
صلى مكشوف شيء من العورة المغلظة بطلت صلاته، ويعيد الصلاة
أبداً.


ومن
صلى مكشوف شيء من العورة المخففة، لا تبطل صلاته، وإن كان كشفها مكروهاً ويحرم
النظر إليها، ولكن يستحب لمن صلى مكشوف العورة المخففة أن يعيد الصلاة في الوقت
الضروري (في الظهرين للاصفرار، وفي العشاءين: الليل كله، وفي الصبح
للطلوع).


مذهب
الشافعية:



أ-
عورة الرجل:

ما بين سُرَّته وركبته في الصلاة والطواف وأمام الرجال الأجانب والنساء المحارم،
لما روى الحارث بن أبي أسامة عن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه، قال : "عورة
المؤمن ما بين سرته إلى ركبته" وروي في ستر الفخذ أحاديث منها: "لا تُبرز فخِذاك،
ولا تنظر إلى فخذي حي ولا ميت" رواه أبو داود وابن ماجه ومنها قوله صلى الله عليه
وسلم لجَرْهد الأسلمي: "غطِّ فخذك، فإن الفخذ عورة". رواه أبو داود
والترمذي.


فالسرة
والركبة ليستا من العورة على الصحيح، لحديث أنس السابق في مذهب المالكية المتضمن
إظهار النبي صلى الله عليه وسلم فخذه. لكن يجب ستر شيء من الركبة لستر الفخذ، ومن
السرة، لأن ما لم يتم الواجب إلا به فهو واجب.


ب-
عورة المرأة ومثلها الخنثى
:
ما سوى الوجه والكفين، ظهرهما وبطنهما من رؤوس الأصابع إلى الكوعين (الرسغ أو مفصل
الزند) لقوله تعالى: {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا}
[النور: 31] قال ابن عباس وعائشة رضي الله عنهم: "هو الوجه والكفان" ولأن النبي صلى
الله عليه وسلم نهى المرأة الحرام (المحرمة بحج أو عمرة) عن لبس القفازين والنقاب،
عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ولا تنتقب المرأة
المحرمة، ولا تلبس القفازين". رواه البخاري، ولو كان الوجه عورة لما حرم سترهما في
الإحرام، ولأن الحاجة تدعو إلى إبراز الوجه للبيع والشراء، وإلى إبراز الكف للأخذ
والعطاء، فلم يجعل ذلك عورة.


وإذا
انكشف بعض العورة في الصلاة مع القدرة على سترها بطلت صلاته، إلا إن كشفها ريح أو
سهواً، فسترها في الحال فلا تبطل. وإن كشفت بغير الريح أو بسبب بهيمة أو غير مميز
فتبطل.




مذهب
الحنابلة:



أ-
عورة الرجل
:
ما بين سرته وركبته، للأحاديث السابقة التي استدل بها الحنفية والشافعية، وليست
سرته وركبتاه من عورته، لحديث عمرو بن شعيب السابق: ".. فإن ما تحت السرة إلى
الركبة عورة"، ولأن الركبة حد، فلم تكن من العورة كالسرة. والخنثى المشكل كالرجل،
إذ لا نوجب عليه الستر بأمر محتمل متردد.


وإن
انكشف من العورة يسير، لم تبطل صلاته، لما رواه أبو داود عن عمرو بن سلمة الذي كانت
تنكشف عنه بردته لقصرها إذا سجد.


وإن
انكشف من العورة شيء كثير، تبطل صلاته. والمرجع في التفرقة بين اليسير والكثير إلى
العرف والعادة.


لكن
إن انكشف الكثير من العورة عن غير عمد، فستره في الحال، من غير تطاول الزمان، لم
تبطل، لأن اليسير من الزمان أشبه اليسير في القَدْر، فإن طال كشفها، أو تعمد كشفها،
بطلت الصلاة مطلقاً.


جـ-
عورة المرأة
:
جميع بدنها سوى وجهها، وكفيها لقوله تعالى:

{وَلا
يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا
} قال ابن عباس وعائشة: "وجهها
وكفيها" رواه البيهقي وليس لها كشف ما عدا وجهها وكفيها في الصلاة، بدليل الأحاديث
السابقة عند الشافعية. والدليل على وجوب تغطية القدمين: ما روت أم سلمة قالت: "قلت:
يا رسول الله، أتصلي المرأة في درع وخمار ليس عليها إزار؟ قال: نعم، إذا كان سابغاً
يغطي ظهور قدميها". رواه أبو داود وهذا يدل على وجوب تغطية القدمين، ولأنه محل لا
يجب كشفه في الإحرام، فلم يجز كشفه في الصلاة كالساقين.


ويجزئ
المرأة من اللباس ما سترها الستر الواجب، لحديث أم سلمة السابق. والمستحب أن تصلي
المرأة في دِرْع (قميص سابغ يغطي قدميها) وخمار يغطي رأسها وعنقها، وجلباب تلتحف به
من فوق الدرع. وحكم انكشاف شيء من عورة المرأة غير الوجه والكفين بالتفرقة بين
اليسير والكثير، كحكم الرجل سابقاً.


5-
استقبال
القبلة:



اتفق
الفقهاء على أن استقبال القبلة شرط في صحة الصلاة، لقوله
تعالى:

{فَوَلِّ
وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا
وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ
} [البقرة: 144] إلا في حالتين: في شدة الخوف، وصلاة
النافلة للمسافر على الراحلة. وقيد المالكية والحنفية شرط الاستقبال بحالة الأمن من
عدو وسبع وبحالة القدرة، فلا يجب الاستقبال مع الخوف، ولا مع العجز كالمربوط
والمريض الذي لا قدرة له على التحول ولا يجد من يحوله، فيصلي لغيرها إلى أي جهة
قدر، لتحقق العذر.


واتفق
العلماء على أن من كان مشاهداً معايناً الكعبة: ففرضه التوجه إلى عين الكعبة
يقيناً. ومثله عند الحنابلة: أهل مكة أو الناشئ بها وإن كان هناك حائل محدث
كالحيطان بينه وبين الكعبة.


وأما
غير المعاين للكعبة ففرضه عند الجمهور (غير الشافعية) إصابة جهة الكعبة،
لقوله صلى الله عليه وسلم: "ما بين المشرق والمغرب قبلة"وهذا في قبلة أهل المدينة
والشام، رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح، وظاهره أن جميع ما بينهما قبلة، ولأنه
لو كان الفرض إصابة عين الكعبة، لما صحت صلاة أهل الصف الطويل على خط مستو، ولا
صلاة اثنين متباعدين يستقبلان قبلة واحدة، فإنه لا يجوز أن يتوجه إلى الكعبة مع طول
الصف إلا بقدرها.


وقال
الشافعي

في الأم: فرضه - أي الغائب عن مكة - إصابة العين أي عين الكعبة، لأن من لزمه فرض
القبلة، لزمه إصابة العين، كالمكي، ولقوله تعالى: {وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ
فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ
} [البقرة:144] أي أنه يجب عليه التوجه إلى
الكعبة، فلزمه التوجه إلى عينها كالمعاين.


والمطلوب
عند أئمة المذاهب في إصابة جهة الكعبة محاذاتها ببدنه وبنظره إليها، بأن يبقى شيء
من الوجه مسامتاً (محاذياً) للكعبة، أو لهوائها عند الجمهور غير المالكية، بحيث لو
امتد خط من وجهه في منتصف زاوية قائمة، لكان ماراً على الكعبة أو هوائها، والكعبة:
من الأرض السابعة إلى العرش، فمن صلى في الجبال العلية والآبار العميقة السافلة،
جاز، كما يجوز على سطحها وفي جوفها، ولو افترض زوالها، صحت الصلاة إلى موضع
جدارها.


وقال
المالكية
:
الواجب استقبال بناء الكعبة، ولا يكفي استقبال الهواء لجهة
السماء.


الاجتهاد
في القبلة:



ويجب
التحري والاجتهاد في القبلة أي بذل المجهود لنيل المقصود بالدلائل على من كان
عاجزاً عن معرفة القبلة، واشتبهت عليه جهتها، ولم يجد أحداً ثقة يخبره بها عن علم
يقين ومشاهدة لعينها، فمن وجده اتبعه، لأن خبره أقوى من
الاجتهاد.


والدليل
على وجوب التحري: ما روى عامر بن ربيعة أنه قال: "كنا مع رسول الله صلى الله عليه
وسلم في ليلة مظلمة، فلم ندر أين القبلة، فصلى كل رجل من على حياله، فلما أصبحنا
ذكرنا ذلك لرسول الله عليه الصلاة والسلام، فنزلت {فأينما تولوا فثَمَّ وجه
الله
} [البقرة: 115] رواه الترمذي ابن ماجه.


الخطأ
في الاجتهاد:



وإن
تيقن الخطأ في اجتهاده، فقال الحنفية: إن كان في الصلاة استدار وبنى عليها
أي أكمل صلاته، فلو صلى كل ركعة لجهة جاز. وإن كان بعد الصلاة صلى الصلاة القادمة،
ولا إعادة عليه لما مضى، لإتيانه بما في وسعه، قال علي: "قبلة المتحري جهة قصده"
ومن صلى بلا تحرٍ وأصاب، لم تصح صلاته، لتركه فرض التحري، إلا إذا علم إصابته بعد
فراغه.


ومن
أمَّ قوماً في ليلة مظلمة، فتحرى القبلة وصلى إلى جهة أخرى، وتحرى من خلفه، وصلى كل
واحد منهم إلى جهة، وكلهم خلف الإمام، فمن علم منهم بحال إمامه تفسد صلاته، ومن لم
يعلم ما صنع الإمام، صحت صلاته وأجزأه، لوجود التوجه إلى جهة التحري، ومخالفة
المأمومين لإمامهم لا تمنع صحة الصلاة، كالصلاة في جوف
الكعبة.


وقال
المالكية: إن تبين المجتهد في القبلة خطأ: يقيناً أو ظناً، في أثناء الصلاة، قطعها
إن كان بصيراً منحرفاً كثيراً: بأن استدبر أو شرّق أو غرب، وابتدأها بإقامة، ولا
يكفي تحوله لجهة القبلة.


وإن
كان أعمى، أو كان منحرفاً انحرافاً يسيراً، فلا إعادة عليه. وإن كان بصيراً منحرفاً
كثيراً أو ناسياً للجهة التي أداه اجتهاده إليها، أو التي دله عليها العارف، أعاد
في الوقت.


وقال
الشافعية
:
إن تيقن الخطأ في الصلاة أو بعدها، استأنفها أي أعادها من جديد، لأنه تعين له يقين
الخطأ فيما يأمن مثله في القضاء، فلم يعتد بما مضى، كالحاكم إذا حكم ثم وجد النص
بخلافه.


وإن
تغير اجتهاده للصلاة الثانية، فأداه اجتهاده إلى جهة أخرى، صلى الصلاة الثانية إلى
الجهة الثانية، ولا يلزمه إعادة ما صلاه إلى الجهة الأولى، كالحاكم إذا حكم
باجتهاد، ثم تغير اجتهاده، لم ينقض ما حكم فيه بالاجتهاد
الأول.


ويجتهد
لكل فرض، فإن تحير، صلى كيف شاء، ويقضي وجوباً لأن ذلك أمر
نادر.


وقال
الحنابلة
:
إن بان له يقين الخطأ وهو في الصلاة، استدار إلى جهة الكعبة، وبنى على ما مضى من
الصلاة، كما قرر الحنفية، لأن ما مضى منها كان صحيحاً، فجاز البناء عليه، كما لو لم
يبن له الخطأ. وكذلك تستدير الجماعة مع الإمام إن بان لهم الخطأ في حال
واحدة.


وإن
تبين خطأ اجتهاده بعد الصلاة، بأن صلى إلى غير جهة الكعبة يقيناً لم يلزمه الإعادة.
ومثل المجتهد في هذا: المقلد الذي صلى بتقليده، وهذا موافق لمذهب
الحنفية
.


أما
من صلى في الحضر إلى غير الكعبة سواء أكان بصيراً أم أعمى، ثم بان له الخطأ، فعليه
الإعادة، لأن الحضر ليس بمحل الاجتهاد، لأن من فيه يقدر على معرفة القبلة
بالمحاريب، ويجد من يخبره عن يقين غالباً، فلا يكون له الاجتهاد، كالقادر على النص
في سائر الأحكام.


والخلاصة
: أن الحنفية والحنابلة يقررون البناء على الصلاة في أثنائها، ولا يوجبون
الإعادة في حال الاجتهاد. وتبين الخطأ بعد الفراغ من الصلاة. والمالكية
والشافعية
يقررون قطع الصلاة إذا عرف الخطأ فيها، وإعادة الصلاة إذا عرف الخطأ
بعدها، لكن المالكية يوجبون الإعادة في الوقت الضروري فقط. والشافعية
يوجبون الإعادة مطلقاً في الوقت وبعده، لتبين فساد الأولى.


هذا
ويتعلق بشرط الاستقبال بحث أمرين: الصلاة في الكعبة، وصلاة المسافر على
الراحلة.


الصلاة
في الكعبة:



عرفنا
أنه لابد شرعاً من استقبال جزء من الكعبة، وعند غير المالكية: أو هوائها إلى
السماء، والثابت عنه صلى الله عليه وسلم أنه دخل الكعبة المشرفة يوم فتح مكة مرة
واحدة وصلى فيها، روى ابن عمر أنه قال لبلال: هل صلى النبي صلى الله عليه وسلم في
الكعبة؟ قال: نعم، ركعتين بين السَّاريتين عن يسارك إذا دخلتَ، ثم خرج، فصلى في
وجهة الكعبة ركعتين" رواه البخاري وأحمد.


وقد
أقر الفقهاء مشروعية الصلاة في جوف الكعبة، فقال الحنفية: يصح أداء الصلاة فرضاً أو
نفلاً ولو جماعة في الكعبة أو على سطحها وإن لم يتخذ سترة، لكنه يكره الصلاة فوقها،
لإساءة الأدب، باستعلائه عليها، وترك التعظيم المطلوب لها، ونهي النبي عنه، وإن صلى
الإمام بجماعة، فجعل بعضهم ظهره إلى ظهر الإمام جاز، ومن جعل منهم ظهره إلى وجه
الإمام لم تجز صلاته، لتقدمه على الإمام.


وإذا
صلى الإمام في المسجد الحرام، تحلَّق الناس حول الكعبة، وصلوا بصلاة الإمام، فمن
كان منهم أقرب إلى الكعبة من الإمام، جازت صلاته إذا لم يكن في جانب الإمام،لأن
التقدم والتأخر إنما يظهر عند اتحاد الجانب.


وتكره
السنن المؤكدة كالوتر والعيدين وركعتي الفجر وركعتي الطواف.


ولا
تجوز صلاة الفرض في الكعبة أو في الحِجْر، فإن وقع، أعاده بوقت ضروري (وهو في
الظهرين للاصفرار وفي العشاءين الليل كله، وفي الصبح حتى طلوع الشمس). وتبطل صلاة
الفرض على ظهر الكعبة، ويعاد أبداً،لأن الواجب استقبال البناء، ولا يكفي استقبال
الهواء لجهة السماء.


وقال
الشافعية
:
تجوز الصلاة فرضاً أو نفلاً في الكعبة أو على سطحها إن استقبل من بنائها أو ترابها
شاخصاً (سترة) ثابتاً كعتبة وباب مردود أو عصا مسمَّرة أو مثبتة فيه، قدر ثلثي ذراع
تقريباً فأكثر بذراع الآدمي، وإن بعد عنه ثلاثة أذرع فأكثر.


وإنما
صح استقبال هوائها لمن هو خارج عنها، فلأنه يعد حينئذ متوجهاً إليها كالمصلي على
أعلى منها كأبي قبيس، بخلاف القريب منها المصلي فيها أو
عليها.


وأجاز
الحنابلة

أيضاً صلاة النافلة في الكعبة أو على سطحها، ولا تصح صلاة الفريضة لقوله تعالى:
{وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} [البقرة:144]
والمصلي فيها أو على ظهرها غير مستقبل لجهتها، والنافلة مبناها على التخفيف
والمسامحة بدليل صلاتها قاعداً، أو إلى غير القبلة في السفر على
الراحلة.


صلاة
النافلة على الراحلة للمسافر:



يجوز
التطوع على الراحلة للمسافر قبل جهة مقصده بإجماع العلماء، ولِما ثبت في السنة، عن
عامر بن ربيعة قال: "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو على راحلته يسبِّح،
يومئ برأسه، قِبَل أي وِجْهة توجَّه، ولم يكن يصنع ذلك في الصلاة المكتوبة" متفق
عليه.


وللفقهاء
آراء وشروط في صلاة النافلة على
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
aemb_aemb




عدد المساهمات : 35
تاريخ التسجيل : 08/06/2011

شروط الصلاة: Empty
مُساهمةموضوع: أركان الصلاة   شروط الصلاة: I_icon_minitimeالأربعاء يونيو 08, 2011 5:54 pm

الكتاب : الفقه - الموضوع : أركان الصلاة



أركان
الصلاة





أركان
الصلاة المتفق عليها:



يلاحظ
أن الفقهاء اتفقوا على ستة فروض أو أركان وهي: التحريمة، والقيام، والقراءة،
والركوع، والسجود، والقعدة الأخيرة مقدار التشهد إلى قوله: "عبده
ورسوله".


الركن
الأول- التحريمة أو تكبيرة الإحرام:



هي
أن يقول المصلي قائماً مسمعاً نفسه: "الله أكبر"(1)
إلا في حالة العجز عن القيام، وذلك بالعربية، لمن قدر عليها، لا بغيرها من
اللغات.


هذا
إذا كان المصلي غير إمام، فأدناه أن يسمع نفسه، فإن كان إماماً يستحب له أن يجهر
بالتكبير ليسمع من خلفه، فلا تنعقد الصلاة إلا بقول "الله أكبر"، وإن عجز عن
التكبير كأن كان أخرساً أو عاجزاً عن التكبير بكل لسان، سقط عنه. وإن قدر على
الإتيان ببعضه، أتى به، إن كان له معنى.


ودليلهم
على اشتراط لفظ "الله أكبر" وأنه ركن: هو قوله تعالى:

{وَرَبَّكَ
فَكَبِّرْ
}
[المدثر:3] والحديث السابق عن علي: "مفتاح الصلاة الطهور، وتحريمها التكبير" رواه
أبو داود والترمذي، وحديث رفاعة بن رافع: "لا يقبل الله صلاة امرئ حتى يضع الوضوء
مواضعه، ثم يستقبل القبلة، فيقول: الله أكبر" رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه
والنسائي، وقال عليه السلام للمسيء صلاته: "إذا قمت إلى الصلاة فكبر" متفق عليه،
وقال صلى الله عليه وسلم أيضاً: "إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس،
إنما هي التسبيح والتكبير وقراءة القرآن" قرن التكبير

_____________________

(1) سميت
هذه التكبيرة الإحرام، لأنه يحرم على المصلي ما كان حلالاً له قبلها من موانع
الصلاة كالأكل والشرب والكلام ونحو ذلك، ويقصد بها الذكر الخالص لله تعالى الذي
يحرم به المصلي على نفسه الاشتغال بما سوى الله.

بالقراءة،
فدل على أنه مثله في الركنية.


وقال
الشافعية والمالكية والحنابلة
:
التكبير ركن لا شرط، إلا أن الشافعية قالوا: لا تضر زيادة لا تمنع اسم
التكبير، مثل "الله الأكبر"، لأنه لفظ يدل على التكبير، وعلى زيادة مبالغة في
التعظيم، ومثل "الله الجليل أكبر"، وكذا كل صفة من صفاته تعالى، إذا لم يطل بها
الفصل، لبقاء النظم. ويشترط إسماع نفسه التكبير كالقراءة وسائر الأركان القولية،
ويُبين التكبير كما أوضح الشافعية والحنابلة، ولا يمد في غير موضع المد، فإن فعل
بحيث تغير المعنى، مثل أن يمد الهمزة الأولى، فيقول "الله" أو يمد "آكبر" أو يزيد
ألفاً بعد باء "أكبر"، لم يصح، لأن المعنى يتغير به. وعند الشافعية: أن من
عجز عن التكبير بالعربية أتى بمدلول التكبير بأي لغة شاء. ووجب التعلم إن قدر عليه.
ومن عجز عن النطق بالتكبير كأخرس، لزمه تحريك لسانه، وشفتيه ولهاته ما أمكنه، فإن
عجز نواه بقلبه.


وقال
أبو حنفية:

التحريمة شرط، لا ركن، وقولهما هو المعتمد لدى الحنفية، لقوله تعالى:
{وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} [الأعلى: 15].


وأجاز
أبو حنيفة

افتتاح الصلاة بكل تعبير خالص لله تعالى، فيه تكبير وتعظيم، كقول المصلي: الله أجل،
الله أعظم، وكبير أو جليل، والرحمن أعظم، وسبحان الله، ولا إله إلا الله، والحمد
لله، ونحوه، لأن ذلك كله يؤدي معنى التكبير، ويشتمل على معنى التعظيم، فأشبه قوله :
"الله أكبر" ولو افتتح الصلاة بـ "اللهم اغفر لي" لا يجوز، لأنه مشوب بحاجته، فلم
يكن تعظيماً، ولو افتتح بقوله: "اللهم" فالأصح أنه يجزئه، لأن معناه: يا
الله.


ومن
عجز عن التكبير كالأخرس، سقط عنه ذلك، لتعذر الواجب في حقه، وتكفيه النية عن
التحريمة.


وقال
أبو حنيفة
:
إنه يجزئ التكبير بغير العربية، لقول الله تعالى:

{وَذَكَرَ
اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى
}
[الأعلى: 15] وهذا قد ذكر اسم ربه.


واشترط
جمهور الفقهاء ألا يكبر المأموم حتى يفرغ إمامه من التكبير، للحديث المتفق عليه:
"إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا" وأجاز الحنفية مقارنة المأموم في
التكبير وغيره، فيكبر معه كما يركع معه.


الركن
الثاني- القيام في الفرض لقادر عليه، وكذا في الواجب كنذر وسنة فجر في الأصح عند
الحنفية:



لقوله
تعالى: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238] أي مطيعين، وقيل:
خاشعين، وقوله صلى الله عليه وسلم في حديث عمران بن حصين: "صلِّ قائماً" متفق
عليه.


ولا
يجب القيام في النافلة، فتصح مع القدرة على القيام، لأن مبنى النوافل على التيسير
والأخذ بالرفق، ولأن النوافل كثيرة، فلو وجب فيها القيام شَقَّ وانقطعت
النوافل.


ولا
يجب أيضاً على المريض العاجز عن القيام، سواء في الفريضة أم النافلة، لأن التكليف
بقدر الوسع، ومن عجز عن القيام قعد كيف شاء.


وحدُّ
القيام عند الحنفية
:
أن يكون بحيث لو مدَّ يديه لا ينال ركبتيه. وعند المالكية والحنابلة: ألا
يكون في حالة جلوس ولا في حالة انحناء بحيث يصير راكعاً. ولا يضر خفض الرأس على
هيئة الإطراق لأنه لا يخرجه عن كونه يسمى قائماً.


وعند
الشافعية:

يشترط نصب فَقَار المصلي(1)،
لأن اسم القيام دائر معه، ولا يشترط نصب رقبته، لأنه يستحب إطراق الرأس. فإن وقف
منحنياً أو مائلاً يمنة أو يسرة، بحيث لا يسمى قائماً، لم يصح قيامه لتركه الواجب
بلا عذر. والانحناء المنافي للقيام: أن يصير إلى الركوع أقرب، فلو كان أقرب إلى
القيام أو استوى الأمران صح. فهم إذاً كالمالكية
والحنابلة.


__________________

(1) أي
فقرات الظهر ومفاصله.


ومن
لم يطق انتصاباً بسبب مرض أو تقوس ظهر بسبب الكبر، فالصحيح أنه يقف كذلك، ويزيد
انحناءه للركوع إن قدر.


والمقدار
المفروض من القيام: هو عند الحنفية بقدر القراءة المطلوبة فيه، وهو بقدر
قراءة الفاتحة وسورة وتكبيرة الإحرام.


وعند
الجمهور
:
بقدر تكبيرة الإحرام وقراءة الفاتحة فقط، لأن الفرض عندهم قراءة الفاتحة، وأما
السورة بعدها فهي سنة.


هل
يشترط الاستقلال في القيام؟



قال
الحنفية:

يشترط للقادر الاستقلال في الفرض، فمن اتكأ على عصاه، أو على حائط ونحوه، بحيث يسقط
لو زال، لم تصح صلاته، فإن كان لعذر صحت.


أما
في التطوع أو النافلة: فلا يشترط بالقيام سواء أكان لعذر أم لا، إلا أن صلاته تكره
لأنه إساءة أدب، وثوابه ينقص إن كان لغير عذر.


وقال
المالكية
:
يجب القيام مستقلاً في الفرائض للإمام والمنفرد حال تكبيرة الإحرام وقراءة الفاتحة
والهوي للركوع، وأما حال قراءة السورة فهو سنة، فلو استند إلى شيء بحيث لو أزيل
لسقط، فإن كان في غير قراءة السورة، بطلت صلاته، لأنه لم يأت بالفرض الركني، وإن
كان في حال قراءة السورة لم تبطل وكره استناده، ولو جلس في حال قراءة السورة بطلت
صلاته لإخلاله بهيئة الصلاة. أما المأموم فلا يجب عليه القيام لقراءة الفاتحة، فلو
استند حال قراءتها لعمود بحيث لو أزيل لسقط، صحت صلاته.



وقال
الشافعية
:
لا يشترط الاستقلال في القيام، فلو استند إلى شيء، أجزأه مع الكراهة، لوجود اسم
القيام. لكن لو استند إلى شيء بحيث لو رفع قدميه إن شاء، ظل مستنداً ولم يسقط، لم
تصح صلاته، لأنه لا يسمى قائماً، بل معلقاً نفسه.


وقال
الحنابلة:

يشترط الاستقلال في القيام للقادر عليه في فرض، فلو استند استناداً قوياً على شيء
بلا عذر، بطلت صلاته.

صلاة
المريض أو متى يسقط القيام؟



اتفق
الفقهاء

على أنه يسقط القيام في الفرض والنافلة للعاجز عنه لحديث عمران بن حصين السابق:
"صلِّ قائماً، فإن لم تستطع، فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب" فإن قدر على بعض
القراءة ولو آية قائماً، لزمه بقدرها.


ويسقط
القيام أيضاً عند جمهور الفقهاء غير الشافعية للعريان، فإنه يصلي قاعداً
بالإيماء إذا لم يجد ساتراً يستر به عورته، كما قدمنا.


ومن
حالات العجز المسقطة للقيام: حالة المداواة: كمن يسيل جرحه إذا قام، أو أثناء
مداواة العين استلقاء. ومنها: حالة سلس البول: فإذا كان يسيل بوله لو قام، وإن قعد
لم يسل، صلى قاعداً، ولا إعادة عليه حتى عند
الشافعية
.


ومنها:
حالة الخوف من عدو بحيث إذا قام، رآه العدو، صلى قاعداً ولا إعادة عليه حتى عند
الشافعية
أيضاً.


ومنها:
عند الحنابلة قصر سقف لعاجز عن خروج، وصلاة خلف إمام حي
عاجز.


كيفية
صلاة العاجز المريض:



للفقهاء
آراء متقاربة في كيفية صلاة المريض، وبعضها أيسر من بعض.


قال
الحنفية:



أ-
إذا عجز المريض عن القيام، سقط عنه، وصلى قاعداً كيف تيسر له، يركع ويسجد إن
استطاع، فإن لم يستطع الركوع والسجود، أو السجود فقط، أومأ إيماء برأسه، وجعل
إيماءه للسجود أخفض من ركوعه، تفرقة بينهما، لحديث عمران بن حصين
المتقدم.


ولا
يرفع إلى وجهه شيئاً مثل الكرسي والوسادة، يسجد عليه، لنهيه صلى الله عليه وسلم عن
ذلك، روى جابر: أن النبي صلى الله عليه وسلم عاد مريضاً، فرآه يصلي على وسادة،
فأخذها، فرمى بها، فأخذ عوداً ليصلي عليه، فأخذه، فرمى به، وقال صلِّ على الأرض إن
استطعت، وإلا فأومئ إيماء، واجعل سجودك أخفض من ركوعك. رواه
البيهقي.


ب-
فإن لم يستطع القعود، استلقى على ظهره، وجعل رجليه إلى القبلة، وأومأ بالركوع
والسجود.


وإن
استلقى على جنبه، ووجهه إلى القبلة، وأومأ، جاز والكيفية أو الهيئة الأولى هنا
أولى، لأن إشارة المستلقي تقع إلى هواء الكعبة، وإشارة المضطجع على جنبه تقع إلى
جانب قدميه، أي أن الاستلقاء عندهم أولى من الاضطجاع، وعلى الشق الأيمن أولى من
الأيسر.


جـ-
فإن لم يستطع الإيماء برأسه: أخر الصلاة، ولا يومئ بعينيه ولا بقلبه، ولا بحاجبيه،
لأنه لا عبرة به، عملاً بالحديثين السابقين عن عمران وجابر، ولأن إقامة البدل عن
هيئة الصلاة الواجبة شرعاً بالرأي ممتنع، ولا قياس على الرأس، لأنه يتأدى به ركن
الصلاة، دون العين والحاجبين والقلب.


ولا
تسقط عنه الصلاة، ويجب عليه القضاء، ولو كثرت الصلوات إذا كان يفهم مضمون
الخطاب.


وإن
قدر المريض على القيام، ولم يقدر على الركوع والسجود، لم يلزمه القيام، وجاز أن
يصلي قاعداً يومئ برأسه إيماء. والأفضل الإيماء قاعداً، لأنه أشبه بالسجود، لكون
رأسه أخفض وأقرب إلى الأرض.


وإن
صلى الصحيح بعض صلاته قائماً، ثم حدث به مرض، أتمها قاعداً، يركع ويسجد، أو يومئ إن
لم يستطع الركوع والسجود، أو مستلقياً إن لم يستطع القعود، لأن بناء الأدنى على
الأعلى، وبناء الضعيف على القوي أولى من الإتيان بالكل
ضعيفاً.


ومن
صلى قاعداً يركع ويسجد لمرض به، ثم صح في خلالها، بنى على صلاته قائماً، لأن البناء
كالاقتداء، والقائم يقتدي بالقاعد.


وإن
كان المريض صلى بعض صلاته بإيماء، ثم قدر في خلالها على الركوع والسجود، استأنف
(جدد) الصلاة، لأنه لا يجوز اقتداء الراكع بالمومئ، فكذا البناء لا
يجوز.


وقال
المالكية:



أ-
إذا لم يقدر المصلي على القيام استقلالاً لعجز أو لمشقة فادحة كدوخة في صلاة الفرض،
جاز فيه الجلوس، ولا يجوز الاضطجاع إلا لعذر.


ب-
ومن قدر على القيام في الفرض، ولكن خاف به ضرراً كالضرر المبيح للتيمم (وهو خوف
حدوث مرض من نزلة أو إغماء أو زيادته لمتصف به، أو تأخر برء)، أو خاف بالقيام خروج
حدث كريح، استند ندباً لحائط أو على قضيب أو لحبل معلق بسقف البيت يمسكه عند قيامه،
أو على شخص غير جنب أو حائض. فإن استند على جنب أو حائض أعاد بوقت
ضروري.


وإن
صلى جالساً مستقلاً عن غيره، مع القدرة على القيام مستنداً، صحت
صلاته.


جـ-
وإن تعذر القيام بحالتيه (مستقلاً أو مستنداً)، جلس وجوباً إن قدر، وإن لم يقدر جلس
مستنداً.


وتربع
ندباً للجلوس البديل عن القيام: وهو حالة تكبيرة الإحرام، والقراءة والركوع، ثم
يغير جلسته في الجلوس بين السجدتين والتشهد.


د-
وإن لم يقدر على الجلوس بحالتيه (مستقلاً أو مستنداً)، صلى على شق أيمن ندباً،
فأيسر إن عجز عن الأيمن، ثم مستلقياً على ظهر ورجلاه للقبلة، فإن لم يقدر فعلى بطنه
ورأسه للقبلة.


والشخص
القادر على القيام فقط، دون الركوع والسجود والجلوس، أومأ للركوع والسجود
قائماً.


والقادر
على القيام مع الجلوس، أومأ للركوع من القيام، وأومأ للسجود من الجلوس، فإن خالف
فيهما، بطلت صلاته.


وإذا
أومأ للسجود من قيام أو جلوس، حَسَر (رفع) عمامته عن جبهته وجوباً، بحيث لو سجد
لأمكن وضع جبهته بالأرض، أو بما اتصل بها من فرض ونحوه.


وإن
كان بجبهته قروح، فسجد على أنفه، صحت صلاته، لأنه أتى بما في طاقته من الإيماء،
علماً بأن حقيقة السجود: وضع الجبهة على الأرض.


وإن
قدر المصلي على جميع الأركان، في الركعة الأولى، إلا أنه إذا سجد بعد أن أتم الركوع
وقراءة الفاتحة، لا يقدر على القيام، صلى الركعة الأولى بسجدتيها، وتمم صلاته
جالساً.


هـ-
إن لم يقدر المصلي على شيء من الأركان إلا على نية، بأن ينوي الدخول في الصلاة
ويستحضرها، أو قدر على النية مع إيماء بطرف، وجبت الصلاة بما قدر عليه، وسقط عنه
غير المقدور عليه. وإن قدر مع ذلك على "السلام" سلم.


ولا
يجوز له تأخير الصلاة عن وقتها بما قدر عليه، ما دام المكلف في
عقله.


وقال
الشافعية:



أ-
إن لم يقدر على القيام في الفرض مع نصب عموده الفقري، وقف منحنياً، لأن الميسور لا
يسقط بالمعسور.


ب-
وإن عجز عن القيام أصلاً (بأن لحقته مشقة شديدة لا تحتمل في العادة كدوران رأس راكب
السفينة)، قعد كيف شاء، لخبر عمران بن حصين، وركع محاذياً جبهته قُدَّام ركبتيه،
والأفضل أو الأكمل: أن يحاذي موضع سجوده. وكل من ركوعه وسجوده على وزان ركوع القائم
في المحاذاة بحسب النظر، لأنه يسن للمصلي النظر إلى موضع
سجوده.


وقعوده
مفترشاً كهيئة الجالس للتشهد الأول أفضل من تربعه في الأظهر، لأنها هيئة مشروعة في
الصلاة، فكانت أولى من غيرها، ويكره الإقعاء بأن يجلس على وركيه ناصباً ركبتيه، لما
فيه من التشبه بالكلب والقرد.


جـ-
فإن لم يقدر على القعود: بأن نالته المشقة السابقة، اضطجع وجوباً على جنبه،
مستقبلاً القبلة بوجهه ومقدم بدنه. والجنب الأيمن أفضل للاضطجاع عليه من الأيسر،
والأيسر بلا عذر مكروه.


د-
فإن لم يقدر على الاضطجاع، استلقى، ويرفع وجوباً رأسه بشيء كوسادة ليتوجه إلى
القبلة بوجهه ومقدم بدنه، إلا أن يكون في الكعبة وهي مسقوفة، فيجوز له الاستلقاء
على ظهره، وعلى وجهه وإن لم تكن مسقفة، لأنه كيفما توجه، فهو متوجه لجزء منها.
ويركع ويسجد بقدر إمكانه، فيومئ برأسه للركوع والسجود، وإيماؤه للسجود أكثر، قدر
إمكانه.


هـ-
فإن لم يقدر، أومأ بطرفه (أي بصره) إلى أفعال الصلاة.


و-
فإن لم يقدر، أجرى الأركان على قلبه، مع السنن، بأن يمثل نفسه قائماً وراكعاً،
وهكذا، لأنه الممكن.


فإن
اعتقل لسانه، أجرى القراءة وغيرها على قلبه كذلك.


ولا
تسقط عنه الصلاة ما دام عقله ثابتاً، لوجود مناط التكليف.


ومتى
قدر على مرتبة من المراتب السابقة في أثناء الصلاة، لزمه الإتيان
بها.


ز-
وللقادر على القيام: أن يتنفل قاعداً، أو مضطجعاً، لا مستلقياً، ويقعد للركوع
والسجود ولا يومئ بهما إن اضطجع، لعدم وروده في السنة.


وأجر
القاعد القادر نصف أجر القائم، والمضطجع نصف أجر القاعد.


والخلاصة:
أن المريض يصلي كيف أمكنه ولو مومئاً ولا يعيد، والغريق والمحبوس يصليان موميين
ويعيدان.


ومذهب
الحنابلة كالشافعية
،
فإنهم قالوا:


أ-
يجب أن يصلي المريض قائماً إجماعاً في فرض، ولو لم يقدر إلا بصفة ركوع، لحديث عمران
بن حصين مرفوعاً: "صل قائماً، فإن لم تستطع فعلى جنب" رواه الجماعة، وزاد النسائي:
"فإن لم تستطع فمستلقياً" وحديث "إذا أمرتكم بأمر فائتوا منه ما
استطعتم".


ويصلي
قائماً ولو بالاستناد إلى شيء آخر بأجرة مثله أو زائدة يسيراً إن قدر عليها، فإن لم
يقدر على الأجرة، صلى على حسب ما يستطيع، وهذا يوافق رأي
المالكية.


ب-
فإن لم يستطع المريض القيام أو شق عليه مشقة شديدة لضرر من زيادة مرض، أو تأخر برء
ونحوه، فإنه يصلي قاعداً لما تقدم من الخبر، متربعاً ندباً كمتنفل أي كما قال
المالكية، وكيف قعد جاز كالمتنفل، ويثني رجليه في ركوع وسجود،
كمتنفل.


جـ-
فإن لم يستطع القعود أو شق عليه، فيصلي على جنب، لما تقدم في حديث
عمران.


والصلاة
على الجنب الأيمن أفضل من الصلاة على الجنب الأيسر، لحديث علي مرفوعاً : "يصلي
المريض قائماً، فإن لم يستطع، صلى قاعداً، فإن لم يستطع أن يسجد أومأ، وجعل سجوده
أخفض من ركوعه، فإن لم يستطع أن يصلي قاعداً، صلى على جنبه الأيمن مستقبل القبلة،
فإن لم يستطع صلى مستلقياً، رجلاه مما يلي القبلة" رواه الدارقطني، فإن صلى على
الجنب الأيسر، جاز، لظاهر خبر عمران، ولتحقق استقبال القبلة.


د-
ويصح أن يصلي على ظهره، ورجلاه إلى القبلة، مع القدرة على الصلاة على جنبه، لأنه
نوع الاستقبال، مع الكراهة. فإن تعذر عليه أن يصلي على جنبه تعين الظهر، لما تقدم
في حديث علي.


ويلزمه
الإيماء بركوعه وسجوده برأسه ما أمكنه، لحديث "إذا أمرتكم بأمر فائتوا منه ما
استطعتم"، ويكون سجوده أخفض من ركوعه وجوباً، لحديث علي، وليتميز أحدهما عن
الآخر.


هـ-
فإن عجز عن الإيماء برأسه لركوعه وسجوده كأسير عاجز، أومأ بطرفه (أي عينه) ونوى
بقلبه، لما روى زكريا الساجي عن علي بن أبي طالب أنه صلى الله عليه وسلم قال : "فإن
لم يستطع أومأ بطرفه".


و-
فإن عجز عن الإيماء بطرفه، فيصلي بقلبه، مستحضراً القول إن عجز عنه بلفظه،
ومستحضراً الفعل بقلبه، لقوله تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ
مِنْ حَرَجٍ
} [الحج: 78] وقوله: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا
وُسْعَهَا
} [البقرة: 286] وقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا أمرتكم بأمر فائتوا
منه ما استطعتم".


ولا
تسقط الصلاة حينئذ عن المكلف، ما دام عقله ثابتاً، لقدرته على أن ينوي بقلبه، مع
الإيماء بطرفه أو بدونه، ولعموم أدلة وجوب الصلاة.


والخلاصة
: أن أقصى حالات التيسير للمريض هو الإيماء بالرأس عند الحنفية، والإيماء بالطرف
(البصر أو العين) أو مجرد النية عند المالكية، وإجراء الأركان على القلب عند
الشافعية والحنابلة.



واتفق
الكل على أنه لا تسقط الصلاة عن المرء ما دام في عقله، ويجب قضاؤها عند الحنفية إن
لم يستطع الإيماء برأسه.


الركن
الثالث- القراءة لقادر عليها:



الركن
عند الحنفية

الذي هو فرض عملي في جميع ركعات النفل والوتر، وفي ركعتين من الفرض، للإمام
والمنفرد: هو قراءة آية من القرآن، لقوله تعالى: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ
مِنْ الْقُرْآنِ
} [المزمل: 20] ومطلق الأمر للوجوب، ولقوله صلى الله عليه وسلم:
"لا صلاة إلا بقراءة" رواه مسلم، وأقل الواجب عند أبي حنيفة: هو آية بمقدار ستة
أحرف مثل "ثم نظر" [المدثر: 21] ولو تقديراً مثل "لم يلد" إذ أصله "لم
يولد".


وأما
تعيين القراءة في الركعتين الأوليين من الفرض فهو واجب، لقول علي رضي الله عنه:
"القراءة في الأوليين قراءة في الأخريين" وعن ابن مسعود وعائشة: "التخيير في
الأخريين، إن شاء قرأ، وإن شاء سبح" وكذلك قراءة الفاتحة والسورة، أو ثلاث آيات، هو
واجب أيضاً.


وليست
الفاتحة عندهم فرضاً في الصلاة مطلقاً، لا في السرية ولا في الجهرية، لا على
الإمام، ولا على المأموم، بل تكره قراءتها للمأموم.

البسملة
عند الحنفية:



وليست
البسملة آية من الفاتحة ولا من غيرها من السور إلا من سورة النمل في أثنائها لحديث
أنس رضي الله تعالى عنه قال: "صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر
وعثمان رضي الله عنهم فلم أسمع أحداً منهم يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم" رواه
مسلم.


لكن
يقرأ المنفرد بسم الله الرحمن الرحيم مع الفاتحة في كل ركعة سراً، كما أنه يسر
بالتأمين، فالتسمية والتأمين يسر بهما القارئ. أما الإمام فلا يقرأ البسملة ولا يسر
بها لئلا يقع السر بين جهرين، قال ابن مسعود: "أربع يخفيهن الإمام : التعوذ،
والتسمية، والتأمين، والتحميد".


وأدلتهم
ما يأتي:


1ً-
قوله تعالى: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْ الْقُرْآنِ} [المزمل: 20] هو
أمر بمطلق قراءة، فتتحقق بأدنى ما يطلق عليه اسم القرآن.


2ً-
جاء في حديث المسيء صلاته المتقدم: "إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء، ثم استقبل
القبلة فكبر، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن" فالواجب هو مطلق القراءة، كما دل
القرآن، ولو كانت قراءة الفاتحة فرضاً أو ركناً لعلمه إياها، لجهله بالأحكام وحاجته
إليها.


3ً-
أما حديث "لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب"الذي رواه الستة عن عبادة بن الصامت،
فمحمول على نفي الفضيلة، لا نفي الصحة كحديث "لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد"
رواه الدارقطني.




الركن
الرابع- الركوع:



الركوع
لغة: مطلق الانحناء، وشرعاً: الانحناء بالظهر والرأس معاً حتى تبلغ يداه (أو
راحتاه) ركبتيه، وأقله:أن ينحني حتى تنال راحتاه ركبتيه، وأكمله: تسوية ظهره وعنقه
(أي يمدّها بانحناء خالص بحيث يصيران كالصفيحة الواحدة) اتباعاً كما رواه مسلم،
ونصب ساقيه وفخذيه، ومساواة رأسه بعجزه، ويكفيه أخذ ركبتيه بيديه وتفرقة أصابعه
لجهة القبلة، ولا يرفع رأسه ولا يخفضه، ويجافي مرفقيه عن جنبيه بالنسبة للرجل، أما
المرأة فتضم بعضها إلى بعض، ومن تقوس ظهره يزيد في الانحناء قليلاً إن قدر
عليه.


ودليل
فرضية الركوع: قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا}
[الحج: 77] وحديث المسيء صلاته "... ثم اركع حتى تطمئن راكعاً" وللإجماع على
فرضيته.


ودليل
وضع اليدين على الركبتين: ما ذكره أبو حميد في صفة صلاة رسول الله صلى الله عليه
وسلم: "رأيته إذا ركع، أمكن يديه من ركبتيه، ثم هصر ظهره" يعني عصره حتى
يعتدل.


ودليل
مشروعية التفريق بين الأصابع: ما رواه أبو مسعود عقبة بن عمرو: أنه ركع، فجافى
يديه، ووضع يديه على ركبتيه، وفرَّج بين أصابعه من وراء ركبتيه، وقال: هكذا رأيت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي" رواه أبو داود والنسائي.


ودليل
عدم رفع الرأس وعدم خفضه: قول عائشة رضي الله عنها: "كان رسول الله صلى الله عليه
وسلم إذا ركع لم يرفع رأسه ولم يصوبه، ولكن بين ذلك" متفق عليه، وجاء في الحديث عن
النبي صلى الله عليه وسلم "أنه كان إذا ركع، لو كان قدح ماء على ظهره ما تحرك" وذلك
لاستواء ظهره.


ويشترط
عند الشافعية والحنابلة ألا يقصد بركوعه غيره، فلو هوى للتلاوة، فجعله
ركوعاً، لم يكفه.

الاطمئنان
في الركوع:


أقل
الاطمئنان في الركوع: هو أن يمكث في هيئة الركوع حتى تستقر أعضاؤه راكعاً قدر
تسبيحة في الركوع والسجود وفي الرفع منهما. وهو واجب عند الحنفية كما بينا لقوله
تعالى: {ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا} [الحج: 77] ولم يذكر الطمأنينة، وفرض عند
الجمهور كما أشرنا، لحديث المسيء صلاته : "ثم اركع حتى تطمئن راكعاً" وروى أبو
قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أسوأ الناس سرقة الذي يسرق من صلاته، قيل:
وكيف يسرق من صلاته ؟ قال: لا يتم ركوعها ولا سجودها ولا خشوعها" رواه أحمد، وقال
أيضاً: "لا تجزئ صلاة لا يقيم الرجل صلبه فيها في الركوع والسجود" رواه
البخاري.




الركن
الخامس- الرفع من الركوع والاعتدال:



قال
أبو حنيفة
:
القيام من الركوع والاعتدال (الاستواء) والجلوس بين السجدتين واجب لا ركن، لأنه من
مقتضيات الطمأنينة (تعديل الأركان)، ولقوله تعالى:

{ارْكَعُوا
وَاسْجُدُوا
}
[الحج: 77] ويصح الركوع بمجرد الانحناء.


وقال
غير الحنفية:

الرفع من الركوع والاعتدال قائماً مطمئناً ركن أو فرض في الصلاة، وهو أن يعود إلى
الهيئة التي كان عليها قبل الركوع، سواء أكان قائماً أم قاعداً، أو يفعل مقدوره إن
عجز. ولا يقصد غيره، فلو رفع فَزَعاً (خوفاً) من شيء كحية، لم يكف رفعه لذلك عن رفع
الصلاة، كما صرح الشافعية.


وإذا
سجد ولم يعتدل، لم تصح وبطلت صلاته، لتركه ركناً من أركان الصلاة. لقوله صلى الله
عليه وسلم للمسيء صلاته : "ثم ارفع حتى تعتدل قائماً" وداوم النبي على فعله، وقال :
"صلوا كما رأيتموني أصلي"، ونفى النبي صلى الله عليه وسلم كون ما فعل المسيء صلاة،
فدل كل ذلك على أن الاعتدال والطمأنينة ركن، ويدخل فيه الرفع من الركوع لاستلزامه
له.


الركن
السادس- السجود مرتين لكل ركعة:



السجود
لغة: الخضوع والتذلل، أو التطامن والميل، وشرعاً: أقله وضع بعض الجبهة مكشوفة على
الأرض أو غيرها من المُصلَّى، لخبر: "إذا سجدت، فمكن جبهتك ولا تنقر نقراً" رواه
ابن حبان، وخبر خباب بن الأرت: "شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حر الرمضاء
في جباهنا وأكفنا، فلم يشكنا، أي لم يزل شكوانا" رواه البيهقي. وأكمل السجود
: وضع جميع اليدين والركبتين والقدمين والجبهة مع الأنف.


وهو
فرض بالإجماع، لقوله تعالى:

{يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا
}
[الحج: 77] ولمواظبة النبي صلى الله عليه وسلم، وأمره به المسيء صلاته: "ثم اسجد
حتى تطمئن ساجداً، ثم ارفع حتى تطمئن جالساً، ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً" ولإجماع
الأمة.


والواجب
عند المالكية
:
سجود على أيسر جزء من الجبهة: وهي ما فوق الحاجبين وبين الجبينين. ويندب إلصاق جميع
الجبهة بالأرض وتمكينها، ويندب السجود على أنفه أيضاً، ويعيد الصلاة لتركه في الوقت
الضروري (وهو في الظهرين للاصفرار، وفي العشاءين لطلوع الفجر وفي الصبح لطلوع
الشمس) مراعاة لمن يقول بوجوبه، فلو سجد على جبهته دون أنفه، لم يكفه، ويجزئ السجود
على الجبهة بخلاف الأنف، وإن عجز عن السجود على الجبهة أومأ للسجود، كمن كان بجبهته
قروح تؤلمه إن سجد.


وذكر
الشافعية والحنفية والحنابلة
:
أن من منعه الزحام عن السجود على أرض أو نحوها مع الإمام، فله السجود على شيء من
إنسان أو متاع أو بهيمة أو نحو ذلك، لقول عمر فيما رواه البيهقي بإسناد صحيح: "إذا
اشتد الزحام فليسجد أحدكم على ظهر أخيه".


وأما
السجود على اليدين والركبتين وأطراف القدمين فهو سنة.

ودليلهم
حديث العباس بن عبد المطلب أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا سجد
العبد سجد معه سبعة آراب - أعضاء - وجههُ وكفّاه وركبتاه وقدماه" رواه مسلم وأبو
داود الترمذي.


واتفق
العلماء على أن السجود الكامل يكون على سبعة أعضاء: الوجه واليدين والركبتين وأطراف
القدمين، لحديث ابن عباس: "أمرت أن أسجد على سبعة أعظم: على الجبهة، وأشار بيده على
أنفه، واليدين، والرُّكبتين، والقدمين" متفق عليه، وفي رواية "أُمِرَ النبي صلى
الله عليه وسلم أن يسجد على سبعة أعضاء، ولا يكف شعراً ولا ثوباً: الجبهة واليدين
والركبتين، والرِّجلين" والمراد من عدم كف الشعر والثوب: عدم رفع الثوب والشعر عن
مباشرة الأرض، فيشبه المتكبرين.


ولا
خلاف أن السجود على مجموع الجبهة والأنف مستحب. وأجمعت الصحابة على أنه لا يجزئ
السجود على الأنف وحده.


واتفق
علماء الحنفية

وغيرهم على أنه إن اقتصر في السجود على الجبهة دون الأنف،
جاز.


ووضع
اليدين والركبتين سنة عند الحنفية لتحقق السجود بدونهما. وأما وضع القدمين فهو
فريضة في السجود.


والخلاصة:
أن فرض السجود عند الحنفية والمالكية يتحقق بوضع جزء من الجبهة ولو كان
قليلاً، والواجب عند الحنفية وضع أكثرها، ويتحقق الفرض أيضاً بوضع أصبع
واحدة من القدمين، فلو لم يضع شيئاً من القدمين لم يصح السجود. وأما تكرار السجود
فهو أمر تعبدي أي لم يعقل معناه على قول أكثر مشايخ الحنفية، تحقيقاً للابتلاء
(الاختيار) ولو سجد على كَوْر عمامته إذا كان على جبهته أو فاضل (طرف) ثوبه، جاز
عند الحنفية والمالكية والحنابلة، ويكره إلا من عذر لحديث أنس "كنا نصلى مع رسول
الله صلى الله عليه وسلم في شدة الحر، فإذا لم يستطع أحدنا أن يمكن جبهته من الأرض
بسط ثوبه فسجد عليه" متفق عليه.


ولا
خلاف في عدم وجوب كشف الركبتين، لئلا يفضي إلى كشف العورة، كما لا يجب كشف القدمين
واليدين، لكن يسن كشفهما، خروجاً من الخلاف.


ودليل
جواز ترك كشف اليدين حديث عبد الله بن عبد الرحمن قال: "جاءنا النبي صلى الله عليه
وسلم، فصلى بنا في مسجد بني الأشهل، فرأيته واضعاً يديه في ثوبه إذا سجد" رواه ابن
ماجه وأحمد.


وقال
الشافعية:

إن سجد على متصل به كطرف كّمه الطويل أو عمامته، جاز إن لم يتحرك بحركته، لأنه في
حكم المنفصل عنه. فإن تحرك بحركته في قيام أو قعود أو غيرهما كمنديل على عاتقه، لم
يجز. وإن كان متعمداً عالماً، بطلت صلاته، وإن كان ناسياً أو جاهلاً، لم تبطل،
وأعاد السجود. وتصح صلاته فيما إذا سجد على طرف ملبوسه ولم يتحرك
بحركته.


والشافعية
والحنابلة

متفقون على وجوب السجود على جميع الأعضاء السبعة المذكورة في الحديث السابق، ويستحب
وضع الأنف مع الجبهة عند الشافعية، لكن يجب عند الحنابلة وضع جزء من الأنف.
واشترط الشافعية أن يكون السجود على بطون الكفين وبطون أصابع القدمين، أي
أنه يكفي وضع جزء من كل واحد من هذه الأعضاء السبعة كالجبهة، والعبرة في اليدين
ببطن الكف، سواء الأصابع والراحة، وفي الرجلين ببطن الأصابع، فلا يجزئ الظهر منها
ولا الحرف.


الاطمئنان
في السجود:
يجب
أن يطمئن المصلي في سجوده، والطمأنينة فرض عند الجمهور واجب عند الحنفية، لحديث
المسيء صلاته: "ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً" كما يجب عند الشافعية: أن ينال
ثقل رأسه محل سجوده، للخبر السابق: "إذا سجدت فمكِّن جبهتك" ومعنى ذلك: أن يتحامل
بحيث لو فرض تحته قطن أو حشيش لانكبس، وظهر أثره في يده.


يتضح
مما سبق أنه يشترط لصحة السجود: الطمأنينة، وكشف الجبهة عند الشافعية، ولا
يشترط ذلك عند الجمهور، وكون السجود على الجبهة بالاتفاق، ويضم لها القدمان عند
الحنفية، واليدان والركبتان والقدمان عند الشافعية والحنابلة، والأنف أيضاً
عند الحنابلة، وأن يكون السجود على ما تستقر عليه جبهة المصلي، والتنكس: وهو
استعلاء أسافل المصلي وتسفل أعاليه إلا لزحمة سجد فيها على ظهر مصل آخر، كما أوضح
الشافعية والحنفية. وأن يقصده عند الشافعية، فلو سقط لوجهه، وجب العود إلى
الاعتدال.


والسنة
في هيئة السجود عند الجمهور: أن يضع المصلي على الأرض ركبتيه أولاً، ثم
يديه، ثم جبهته وأنفه. ويرفع أولاً وجهه ثم يديه ثم ركبتيه، لحديث وائل بن حُجْر
قال: "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سجد، وضع رُكبتيه قبل يديه، وإذا نهض
رفع يديه قبل ركبتيه، رواه أبو داود والترمذي. فإن عكس الترتيب المذكور أجزأ، مع
مخالفة السنة إلا من عذر.


وقال
المالكية
:
يندب تقديم اليدين على الركبتين عند السجود، وتأخير اليدين عن الركبتين عند القيام
للقراءة، لحديث أبي هريرة: "إذا سجد أحدكم، فلا يبرك كما يبرك البعير، وليضع يديه
ثم ركبتيه" رواه أبو داود والترمذي.


مكان
الصلاة:



قال
المالكية:

تكره الصلاة على غير الأرض وما تنبته. وقال الحنابلة: تصح الصلاة على الثلج
بحائل أو لا، إذا وجد حجمه لاستقرار أعضاء السجود، كما تصح على حشيش وقطن منتفش إذا
وجد حجمه، وإن لم يجد حجمه، لم تصح صلاته، لعدم استقرار الجبهة
عليه.



الركن
السابع- الجلوس بين السجدتين:



الجلوس
بين السجدتين مطمئناً ركن عند الجمهور، واجب عند الحنفية، لحديث المسيء
صلاته: "ثم ارفع حتى تطمئن جالساً" وفي الصحيحين "كان صلى الله عليه وسلم إذا رفع
رأسه، لم يسجد حتى يستوي جالساً".


وأضاف
الشافعية
:
ويجب ألا يقصد برفعه غيره، فلو رفع فزعاً من شيء لم يكف، وألا يُطوِّله، ولا
الاعتدال، لأنهما ركنان قصيران ليسا مقصودين لذاتهما، بل للفصل بين
السجدتين.


والسنة
في هيئة السجود: أن يجلس بين السجدتين مفترشاً: وهو أن يثني رجله اليسرى، ويبسطها
ويجلس عليها، وينصب رجله اليمنى ويخرجها من تحته، ويجعل بطون أصابعه على الأرض
معتمداً عليها، لتكون أطراف أصابعه إلى القبلة. وذلك للاتباع، كما سيأتي في صفة
صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثم ثنى رجله اليسرى وقعد عليها، ثم اعتدل حتى
رجع كل عظم في موضعه، ثم هوى ساجداً" وفي حديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم
"وكان يفرش رجله اليسرى، وينصب اليمنى" متفق عليه.


ويضع
يديه على فخذيه قريباً من ركبتيه، منشورتي الأصابع، اليمنى واليسرى
سواء.

الركن
الثامن- القعود الأخير مقدار التشهد:



هذا
فرض عند الحنفية إلى قوله: "عبده ورسوله"، فلو فرغ المقتدي قبل فراغ الإمام،
فتكلم أو أكل، فصلاته تامة، وهو مع التشهد الأخير والصلاة على النبي صلى الله عليه
وسلم بعده قاعداً بمقدار: "اللهم صلِّ على محمد" ركن عند الشافعية
والحنابلة
. والركن عند المالكية هو بمقدار الجلوس للسلام. ويلاحظ أن التشهد
الأول كالأخير واجب عند الحنفية، سنة عند الجمهور، كما أن الصلاة على النبي صلى
الله عليه وسلم في التشهد الأخير سنة عند الحنفية والمالكية.


استدل
الحنفية
:
بحديث ابن مسعود رضي الله عنه حين علمه النبي التشهد، فقال له النبي صلى الله عليه
وسلم: "إذا قلت هذا، أو فعلت هذا، فقد تمت صلاتك" رواه الدارقطني، أي إذا قلت
التشهد أو فعلت القعود، فقد تمت صلاتك. فإنه صلى الله عليه وسلم علق تمام الصلاة
بالفعل، وهو القعود، والقراءة لم تشرع بدون القعود، حيث لم يفعلها رسول الله صلى
الله عليه وسلم إلا فيه، فكان القعود هو المعلق به تمام الصلاة في الحقيقة،
لاستلزامه القراءة، وكل ما علق بشيء لا يوجد بدونه، وبما أن تمام الصلاة واجب أو
فرض وتمام الصلاة في الحقيقة، لاستلزامه القراءة، وكل ما علق بشيء لا يوجد بدونه،
وبما أن تمام الصلاة واجب أو فرض وتمام الصلاة لا يوجد بدون القعود، فالعقود واجب
أي فرض، لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.


واستدل
المالكية

على أن التشهد والقعود ليسا بواجب : بأنهما يسقطان بالسهو، فأشبها
السنن.


وأما
الشافعية والحنابلة

فاستدلوا : بأن النبي صلى الله عليه وسلم فعل الجلوس، وداوم على فعله، وأمر به في
حديث ابن عباس، وقال: "قولوا: التحيات لله" رواه مسلم وأبو داود: وسجد للسهو حين
نسيه، وقد قال عليه السلام: "صلوا كما رأيتموني أصلي"، وقال ابن مسعود: "كنا نقول
قبل أن يفرض علينا التشهد: السلام على الله قبل عباده، السلام على جبريل، السلام
على ميكائيل، السلام على فلان، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تقولوا: السلام
على الله، فإن الله هو السلام، ولكن قولوا: التحيات لله .." رواه الدارقطني
والبيهقي. ... والدلالة منه بوجهين:


أحدهما
- التعبير بالفرض، والثاني: الأمر به وفرضه في جلوس آخر الصلاة.


وأما
الجلوس له، فلأنه محله، فيتبعه.


وأما
فرضية الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأخير، فلإجماع العلماء على
أنها لا تجب في غير الصلاة، فتعين وجوبها فيها، ولحديث "قد عرفنا كيف نسلم عليك،
فكيف نصلي عليك؟ فقال: قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد ... الخ" متفق عليه،
وفي رواية "كيف نصلي عليك إذا نحن صلينا عليك في صلاتنا؟ فقال : قولوا ...الخ" رواه
الدارقطني وابن حبان، والمناسب لها من الصلاة، التشهد آخرها، فتجب فيه، أي بعده.
وقد صلى النبي صلى الله عليه وسلم على نفسه في الوتر، كما رواه أبو عوانة في مسنده،
وقال: "صلوا كما رأيتموني أصلي" ولم يخرجها شيء عن الوجوب. ومما يدل على الوجوب
حديث علي عند الترمذي وقال: حسن صحيح: "البخيل من ذكرت عنده، فلم يصلِّ علي" وقد
ذكر النبي في التشهد، ومن أقوى الأدلة على الوجوب ما أخرجه الحاكم والبيهقي عن ابن
مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم بلفظ: "إذا تشهد أحدكم في الصلاة فليقل: اللهم
صلِّ على محمد .. " الحديث.


والصلاة
على النبي سنة عند الشافعية في التشهد الأول، لبنائه على التخفيف، ولا تسن
على الآل في التشهد الأول، وتسن الصلاة على الآل (وهم بنو هاشم وبنو المطلب) في
التشهد الأخير، وقيل: تجب فيه لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث السابق: "قولوا:
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد" والأمر يقتضي الوجوب.

صفة
الجلوس:



صفة
الجلوس للتشهد الأخير عند الحنفية، كصفة الجلوس بين السجدتين، يكون مفترشاً كما
وصفنا، سواء أكان آخر صلاته أم لم يكن، بدليل حديث أبي حميد الساعدي في صفة صلاة
رسول الله صلى الله عليه وسلم "أن النبي صلى الله عليه وسلم جلس - يعني للتشهد -
فافترش رجله اليسرى، وأقبل بصدر اليمنى على قبلته" رواه البخاري، وقال وائل بن حجر:
"قدمت المدينة، لأنظرن إلى صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما جلس - يعنى
للتشهد - افترش رجله اليسرى، ووضع يده اليسرى على فخذه اليسرى، ونصب رجله اليمنى"
رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح.


وقال
المالكية
:
يجلس متوركاً في التشهد الأول والأخير، لما روى ابن مسعود "أن النبي صلى الله عليه
وسلم" كان يجلس في وسط الصلاة وآخرها متوركاً".


وقال
الحنابلة والشافعية
:
يسن التورك في التشهد الأخير، وهو كالافتراش، ولكن يخرج يسراه من جهة يمينه ويلصق
وركه بالأرض، بدليل ما جاء في حديث أبي حميد الساعدي: "حتى إذا كانت الركعة التي
تنقضي فيها صلاته، أخَّر رجله اليسرى، وقعد على شقة متوركاً، ثم سلم" رواه أبو داود
والترمذي، والتورك في الصلاة: القعود على الورك اليسرى، والوركان: فوق الفخذين
كالكعبين فوق العضدين. لكن قال الحنابلة: لا يتورك في تشهد الصبح، لأنه ليس
بتشهدٍ ثانٍ، والذي تورك فيه النبي بحديث أبي حميد هو التشهد الثاني للفرق بين
التشهدين، وما ليس فيه إلا تشهد واحد لا اشتباه فيه، فلا حاجة إلى
الفرق.


والخلاصة:
أن التورك في التشهد الثاني سنة عند الجمهور، وليس بسنة عند
الحنفية.

صيغة
التشهد:



للتشهد
صيغتان مأثورتان:


فقال
الحنفية والحنابلة
:
التشهد هو: التحيات لله، والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله
وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن
محمداً عبده ورسوله. وهو التشهد الذي علمه النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن
مسعود رضي الله عنه. رواه أبو داود والترمذي.


وقال
الإمام مالك
:
أفضل التشهد: تشهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه "التحيات لله، الزاكيات لله، الصلوات
لله" وسائره كتشهد ابن مسعود السابق.


وقال
الشافعية:

أقل التشهد: التحيات لله، سلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، سلام علينا
وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله.
وأكمل التشهد ما ورد في حديث ابن عباس قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم
يُعلِّمنا التشهد، كما يعلمنا السورة من القرآن، فكان يقول: التحيات المباركات
الصلوات الطيبات لله، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا
وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول
الله".



معاني
ألفاظ التشهد:



معنى
"التحيات لله": الثناء على الله تعالى بأنه مالك مستحق لجميع التحيات الصادرة من
الخلق. وهي جمع تحية يقصد بها البقاء والعظمة والملك، وقيل: السلام. والمباركات:
الناميات. والصلوات: الصلوات الخمس وغيرها من العبادات الفعلية. والطيبات: الأعمال
الصالحة. والسلام: أي اسم الله عليك، أو السلام الذي وجه إلى الرسل والأنبياء عليك
أيها النبي. وعلينا: أي الحاضرين من إمام ومأموم وملائكة وغيرهم. والعباد: جمع عبد.
والصالحين: جمع صالح، وهو القائم بما عليه من حقوق الله تعالى وحقوق عباده. ومعنى
رسول الله، هو الذي يبلغ خبر من أرسله. وسمي تشهداً لما فيه من النطق
بالشهادتين.

الصلاة
على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد
الأخير:



أقل
الصلاة على النبي، الذي هو الركن عند الشافعية والحنابلة في التشهد الأخير:
"اللهم صل على محمد" لظاهر الآية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا
عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا
}(1)
[الأحزاب:
56] وهي تدل على الوجوب، لأن الأمر للوجوب، علماً بأنه قد حصل السلام على النبي في
التشهد بقوله: "السلام عليك" وأما الصلاة على الآل فهي سنة.


وأكمل
الصلاة على النبي أن يقول: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم
وعلى آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل
إبراهيم، إنك حميد مجيد".


وقد
ثبتت هذه الصيغة عند البخاري ومسلم بل عند الجماعة عن كعب بن عُجْرة، قال: "إن
النبي صلى الله عليه وسلم خرج علينا، فقلنا: يا رسول الله، قد علمنا الله، كيف نسلم
عليك، فكيف نصلي عليك؟ قال: قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على
آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على آل
إبراهيم، إنك حميد مجيد".

وقال
الحنفية والمالكية: الصلاة على النبي سنة كما سيأتي.

_________________

‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎

(1) الصلاة
من الله على عباده : الرحمة والرضوان، ومن الملائكة : الدعاء والاستغفار، ومن الأمة
: دعاء وتعظيم للنبي لإظهار مكانته عند ربه، ولنيل الثواب الجزيل، كما ورد عنه عليه
السلام: "من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشراً".



التشهد
بالعربية:



يشترط
موالاة التشهد، وكونه بالعربية، هو وسائر أذكار الصلاة المأثورة فلا يجوز لمن
قدرعلى العربية التشهد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بغيرها، كما ذكرنا في
التكبير والقراءة، فإن عجز مؤقتاً حتى يتعلم تشهد بلغته، كالأخرس. ومن قدر على تعلم
التشهد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، لزمه ذلك، لأنه من فروض الأعيان،
فلزمه كالقراءة. فإن صلى قبل تعلمه مع إمكانه، لم تصح صلاته. وإن خاف فوات الوقت،
أو عجز عن تعلمه، أتى بما يمكنه، وأجزأه للضرورة. وإن لم يحسن شيئاً بالكلية، سقط
كله.


الركن
التاسع- السلام:



السلام
الأول للخروج من الصلاة حال القعود فرض عند المالكية، والشافعية،
والتسليمتان: فرض عند الحنابلة، إلا في صلاة الجنازة ونافلة وسجدة تلاوة
وشكر، فيخرج منها بتسليمة واحدة، وتنقضي الصلاة عند المالكية والشافعية
بالسلام الأول، وعند الحنابلة بالسلام الثاني.


ودليلهم
قوله صلى الله عليه وسلم : "مفتاح الصلاة الطهور، وتحريمها التكبير، وتحليلها
التسليم" رواه مسلم، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم "كان يسلم من صلاته" ويديم ذلك،
ولا يخل به، وقال: "صلوا كما رأيتموني أصلي" رواه البخاري.


وقال
الحنفية: السلام ليس بفرض، بل واجب والواجب تسليمتان، فلو قعد قدر التشهد، ثم خرج
من الصلاة بسلام أو كلام أو فعل أو حدث، أجزأه ذلك، فالفرض: إنما هو الخروج من
الصلاة بصنع المصلي، عملاً بحديث ابن مسعود السابق: "إذا قضيت هذا تمت صلاتك" ولأن
السلام لم يذكر في حديث المسيء صلاته. وتنقضي الصلاة عندهم بالسلام الأول قبل قوله
"عليكم".


ومما
يدل على عدم فرضية السلام، وأن الفرض في آخر الصلاة هو القعود بمقدار
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
شروط الصلاة:
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  شروط الوضوء
» شروط صحة الزواج:
» شروط الاقتداء بالإمام:
»  الصلاة
» أوقات الصلاة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات قوارير الهدى :: الفقه الإسلامي-
انتقل الى:  

.: انت الزائر رقم :.

المواضيع الأخيرة
» اسماء الله الحسنى
شروط الصلاة: I_icon_minitimeالخميس نوفمبر 22, 2018 10:09 pm من طرف ebrehim

» تحميل متصفح فايرفوكس 58 اخر اصدار على الكمبيوتر
شروط الصلاة: I_icon_minitimeالإثنين نوفمبر 19, 2018 12:52 am من طرف ebrehim

» تنزيل برنامج ويز ريجيسترى كلينر لتنظيف الكمبيوتر من المخلفات والريجيسترى
شروط الصلاة: I_icon_minitimeالإثنين نوفمبر 19, 2018 12:48 am من طرف ebrehim

»  تنزيل برنامج Internet Download Manager اخر اصدار للكمبيوتر
شروط الصلاة: I_icon_minitimeالإثنين نوفمبر 19, 2018 12:47 am من طرف ebrehim

» زيت السمسم
شروط الصلاة: I_icon_minitimeالسبت ديسمبر 10, 2016 2:58 pm من طرف ebrehim

» اللبان المر وفؤائده
شروط الصلاة: I_icon_minitimeالسبت ديسمبر 10, 2016 2:57 pm من طرف ebrehim

» فؤائد الكركم
شروط الصلاة: I_icon_minitimeالسبت ديسمبر 10, 2016 2:56 pm من طرف ebrehim

» فؤائد قشر الرمان
شروط الصلاة: I_icon_minitimeالسبت ديسمبر 10, 2016 2:55 pm من طرف ebrehim

» علاج الأنيميا
شروط الصلاة: I_icon_minitimeالسبت ديسمبر 10, 2016 2:52 pm من طرف ebrehim